للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المجتمع، وذلك بسبب تخلفه العلمي، ثم يتطاول الأمد فتمسي هذه الأفكار عقائد قومية متوارثة، وتقاليد متَّبعة ثابتة، كأنها من الحقائق البدهية التي لا تقبل أية مناقشة فكرية أو أي تغيير.

ومن هذه المفاهيم الباطلة مفاهيم يلقيها بين المجتمع الجاهل ماكرون مضللون من شياطين الإنس، لهم مصالح وأغراض وشهوات خاصة من بث هذه الأفكار الباطلة، والخرافات والأوهام وتزيينها في نفوس القوم، وذلك ليكون لهذه الانحرافات والخرافات ثمرات ممتعة لأولئك الشياطين يستغلونها، ويستثمرونها، ويقضون شهواتهم وملذاتهم على مصائب القوم من مفاهيمهم الباطلة.

٣- التقليد الأعمى:

من الملاحظ أن الإنسان ينشأ في بيئة من البيئات الاجتماعية فيكتسب منها معارف ومهارات وعادات وأخلاقاً كثيرة، ومن هذه المكتسبات ما هو حق، ومنها ما هو باطل، ومنها أيضاً ما هو صالح، ومنها ما هو فاسد، وبمقتضى نشوئه في هذه البيئة الاجتماعية يتكون لديه بدافع الأنانية خلق التعصب لأهله وعشيرته وقومه، والتعصب لجميع ما هو في بيئته من مفاهيم وعادات وأخلاق، لأنه يتصور أنه بتعصبه هذا يدافع عن كيانه الذاتي، ولكنه دفاع ليس في محله، إذ هو دفاع عن الانحراف. ولو أنه سمح لقواه العقلية المتجردة عن مؤثرات البيئة أن تبحث وتناقش وتميز بين الحق والباطل والخير والشر والصالح والفاسد، لوجد أن دفاعه عن ذاتيته إنما يكون بتقويمها وإصلاح عوجها، وهجر الموروثات الباطلة، والاستمساك بالحق منها.

وبالتتبع نلاحظ أن كثيراً من الناس ليس لهم فيما يستمسكون به من مفاهيم وعادات باطلة أية حجة، إلا أنها أشياء ورثوها عن أسلافهم من قومهم، فاقتدوا بهم وتعصبوا لهم وساروا على آثارهم دون بصر فيها أو نظر.

٤- المبالغة في تعظيم بعض العظماء من الناس:

نظرة تأمل في التاريخ الإنساني تكشف لنا أنه قد يظهر بين حين وآخر في كل أمة من الأمم أفذاذ منها، يبلغون درجة عالية في سُلَّم الكمال التي تعتبره تلك

<<  <   >  >>