ولكن طلاب الأغراض الدنيوية والمسارعون إلى نيل المرادات والأمنية على فرق شتى وأنا أفصلها حتماً منهم من يبلغ الآمال بقوة الجند وبذل الأموال ومنهم من يساعده الدهر ويعاضده معاون العصر وينهض له مسعد التقدير فيقوم معه كل كبير وصغير كما قيل:
وإذا أراد الله نصرة عبده ... كانت له أعداؤه أنصارا
فيقبض له المساعد ويعضده المقارب والمباعد فلا يحتاج إلى كبير ولا في سعي ولا في استماع النصيحة ونفعها إلى وعي بل يصل إلى قصده بدون كده وبغير جهده وجده فمهما فعل أنجح قصد أفلح وحيثما توجه أربح وأينما مال أرجح ومنهم من يحتاج إلى جهد جهيد وسعي مديد وكد طويل عريض وجد عريض غير غريض مع مساعد ناصح ومعاون صالح وتعاطي أسباب وقرع أبواب وفكر دقيق ومسعد رفيق حتى يبلغ مراده ويصل إلى ما أراده ومنهم من تغلب عليه العجلة والطمع وشدة الحرص والهلع فيسارع إلى نيل ما يرومه فيلقب في هرة الحرمان حرصه وشومه فيقع من التعب والنصب في هوه ويحرم لكونه اعتمد على ماله من حول وقوة فيصير كما قيل:
الحرص فوتني دهري فوائده ... فكلما زدت حرصاً زاد تفويتا
ومنهم من يتمنى ثم يتكاسل ويرجو ويترقب ويتساهل فيحرم مقصده ويرد عجزه من مراده يده وقد قيل في المثل تزوج التواني بنت الكسل فاولد الزوجان الفقر والحرمان فانظر يا ذا لركون والوقار والسكون نحن من أي هذه الفرق نكون وأنت تعلم أنا لا نقدر على مقاومة العقاب ولا أن ندفع عن أنفسنا ما ينزل بنا من عقاب فانه إذا طار العقاب يبلغ الثريا والسحاب ونحن إذا تحركنا في الهو افلا نقدر أن نرتفع عن وجه الثرى وقد قيل في المثل كما ترى أين الثريا من الثرى وقيل من تعلق بخصم