هو أقوى منه فلقد سعى في هلاك نفسه برجله ووضع تراب الدمار على رأسه بيده وكنت يا بدري أنشدتك من شعري:
ومن يتشبث في العداوة كفه ... بأكبر منه فهو لا شك هالك
وكان مثله مثل النملة الخفيفة التي نبتت لها أجنحة ضعيفة فتحركها دواعي الطيران فتتصور أنها صارت كالنسور والعقبان فبمجرد ما ترتفع عن الثرى إلى الهواء التقمها عصفور أو خطفها أصغر الطيور ولهذا قيل:
إذا ما أراد الله أهلاك نملة ... أطال جناحيها فسيقت إلى العطب
ونحن ما لنا اطلاع على مكان من الغيب فنزه نفسك عن هواجس الريب وليس لنا مساعد من الأقارب والأباعد ولا لنا مال ولا خيل ول رجال ونحن أقل من أن يساعدنا زمان أو يعيننا على العقاب أعوانفلم يبق إلا الركون والأتكال على حركات السكون فما تدري غداً ماذا يكون وأعلم أن حركاتنا مع العقاب والجامع لنا معه من الأسباب متحدة في الحقيقة وطريقتنا معه من جنس ماله من طريقه وهي الطيريه وكلنا فيها سويه وهو منها كاعجاز القرآن من الفصاحة في الطرف الأعلى ونحن منها كاصوات الحيوان في الأطراف الأدنى فالأولى يحالنا الأصطبار إلى أن يصل لكسرنا من عالم الغيب إنجبار كما قيل: