للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فقال الذكر هذه الفكر من الصواب قريب وسهمها عند أولى البصائر والتجارب مصيب ولكن من يتكفل بوفاء العمر الغدار والأيصال إلى الأوطار ويقوم بالأمن من حوادث الليل والنهار وأنسبت انشادي في الوادي يا زين النادي وجمال الحاضر والبادي:

لئن بادرت في تسليم روحي ... أتاني من ورائي من يعوق

وأن أسرعت نحو الوصل عذراً ... فعمري من ورا ظهري يسوق

ثم قال النجدي والرأي السديد عندي والذي أعيده فيه وأبدي أن نتوجه إلى حضرة العقاب ونكشف عن وجه مرادنا لديه النقاب ونطلب منه الأمان من عوادي الدهر ونكبات الزمان ونستظل بجناح عاطفته وننتظم في سلك جماعته وخدمته فانه ملك الطيور وبيده أزمة الجمهور وهو أن كان سلطان الجوارح والكواسر وشيمته سفك الدمار والتمزيق بمخاليبه النواسر لكنه ملك عالي الهمة ومن شيم الملوك الشفقة والرحمة ولا تقتضي همته العالية إلا الشفقة الوافية خصوصاً على من يرتمي لديه وينتمي إليه ولا تدعه شميته الأبية وهمته العالية الحميه وشمائله الشهمة الملوكية أن يتعرض إلينا بضرر أو أن يطير إلينا منه شرر قالت غرغره بعد الاستغراب في الكركرة العجب كل العجب من رأيك المنتخب أنك تخلط منه الغث بالسمين وتسوق فيه الهجان مع الهجين فتارة تصيب حدقة الغرض وأخرى تصرف السهم حيث عرض فتصير كما قيل:

تلونت حتى لست أدري من الهوى ... أريح جنوب أنت أم ريح شمأل

هذه المصائب التي نشكوها والنوائب التي نقر أسورها ونتلوها هل هي غير ما نقاسيه من العذاب ونعانيه من أليم العقاب في لحظة من ملاقاة عسكر العقاب ثم أنك أنت تحركت في آرائك وسكنت وشرقت في أفكارك وغربت وتباعدت وتقربت وارتفعت يا سلطان وامتنعت وسقطت وجلت

<<  <   >  >>