للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وحمت وقعدت وقمت ثم أسفر رأيك السديد وفكرك الرشيد وأمرك السعيد عن أن تجرنا بسلاسل الحديد إلى العذاب الشديد وتخلدنا فيه الدهر المديد ولا الله بل تريد أن نمشي بأرجلنا إلى الشكبة ونلقي بأيدينا أنفسنا إلى التهلكة وقد أشبهت في هذه الحركة مالكا الحزين والسمكة فقال النجدي لأبنه السعدي أريحي وغني (شكوى الجريح إلى العقبان والرخم) فقالت له أزل الغصة بقص هذه القصة (فقال) كان في بعض المروج من قرى سروج نهر كثير الحيتان شديد الجريان وفي مكان من مصون مأوى المالك الحزين البلشون فكان يتصرف في السمك نصرف المالك فيما ملك قضى في ذلك عمره وزجى أوقاته في طيب عيش ومشره إلى أن أدركه المشيب ورحل عنه العمر القشيب وكساه خياط الدهر دلق ومن نعمرة ننكسه في الخلق ورأى من الكبر أصناف العبر إلى أن ضعفت قوته عن الاصطياد وجرى عليه من الآلام والأنكاد ومن نوائب الدهر ما الزمان به معتاد فصار يمر عليه برهة من الأوقات وهو عاجز عن تحصيل الأقوات فتوجه في بعض الأحيان وقد علته كآبة الأحزان ووقف على النهر متفكراً في تصرفات الدهر فمرت به سمكة لطيفة الحركة فرأته في ذل الانكسار سابحاً في بحر الأفتكار لا قدرة له ولا حركة ولا نهضة لاختطاف السمكة فلم يلتفت إليها ولا عول عليها وقد أوطأته الحوادث أقدام الهمومالكوارث وبدل ربيع شبابه بخريف الهرم وحرارة حربه ببرودة السلم فوقفت لديه وسلمت عليه وسألته عن موجب تفكره وسبب تحزنه وتحيره

<<  <   >  >>