للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذا , ولم يكتم بعض منهم , حيث صرحوا بمخالفة طلب ذلك العلم الشريف, علم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتفقه في الدين, حتى إنهم نقلوا عن أبي سليمان الداراني أنه قال:

" من طلب الحديث فقد ركن إلى الدنيا " (١).

وروي عن رابعة البصرية أنها كانت تجعل إيثار كتب الحديث والإقبال على الناس من أبواب الدنيا (٢).

ورووا عن بشر بن الحارث الحافي أن سبب تركه طلب الحديث أنه سمع أبا داود الطيالسي يحدث عن شعبة أنه كان يقول:

" الإكثار من طلب الحديث يصدّكم عن ذكر الله وعن الصلاة , فهل أنتم منتهون؟!

فلما سمعه منه قال: انتهينا انتهينا.

ثم ترك الرحلة في طلب الحديث , وأقبل على العبادة (٣).

ونقلوا عن الجنيد أنه كان يقول:

" أحب للصوفي أن لا يقرأ ولا يكتب , لأنه أجمع لهمّه وأحبّ للمريد المبتدي أن لا يَشغل قلبه بهذه الثلاث وإلا تغيّر حاله: التكسب , وطلب الحديث , والتزوّج " (٤).

ومثل ذلك نقلوا عن أبي بكر نصر بن أحمد الدقاق - وكان من أقران الجنيد - أنه قال:

" آفة المريد ثلاثة أشياء: التزويج , وكتابة الحديث , ومعاشرة الضد " (٥).

وروى الصوفية عن سفيان الثوري أنه كان يقول:

" ليس طلب الحديث من عدة الموت , لكنه علة يتشاغل بها الرجل " (٦).

كما رووا عن بشر بن الحارث أنه سأله رجل أن يحدثه فأبى عليه , فجعل يرغبه


(١) انظر ((قوت القلوب)) لأبي طالب المكي ج ٢ ص ١٥٢.
(٢) انظر أيضًا ((قوت القلوب)) لأبي طالب المكي ج ٢ ص ٥٧.
(٣) ((غيث المواهب العلية)) في شرح الحكم العطائية للنفري الرندي ج٢ ص ١٤٥.
(٤) ((قوت القلوب)) لأبي طالب المكي ج ١ ص ٢٦٧ ط دار صادر بيروت.
(٥) ((الطبقات الكبرى)) لعبد الوهاب الشعراني ج ١ ص٨٨.
(٦) ((غيث المواهب العلية)) ج ٢ ص ١٤٧.

<<  <   >  >>