للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وعلى ذلك يقول في بداية فصوصه: " إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مبشرة أريتها في العشر الآخر من محرم سنة سبع وعشرين وستمائة بمحروسة دمشق , وبيده صلى الله عليه وسلم كتاب, فقال لي: هذا كتاب فصوص الحكم, خذه واخرج به إلى الناس ينتفعون به. فقلت: السمع والطاعة لله ولرسوله وأولي الأمر منا كما أمرنا. فحققت الأمنية, وأخلصت النية, وجردت القصد والهمة إلى إبراز هذا الكتاب كما حده لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير زيادة (٢ - ١) ولا نقصان , وسألت الله تعلى أن يجعلني فيه وفي جميع أحوالي من عباده الذين ليس للشيطان عليهم سلطان , وان يخصني في جميع ما يرقمه بناني, وينطق به لساني , وينطوي عليه جناني بالإلقاء السبوحي والنفث الروحي في الرُّوع النفسي بالتأييد الاعتصامي, حتى أكون مترجمًا لا متحكمًا, ليتحقق من يقف عليه من أهل الله أصحاب القلوب أنه من مقام التقديس المنزه عن الأغراض النفسية التي يدخلها التلبيس. وأرجو أن يكون الحق لما سمع دعائي قد أجاب ندائي , فما ألقى إلا ما يلقى إليَّ, ولا أنزل في هذا المسطور إلا ينزل به علي. ولست بنبي ولا رسول , ولكني وارث , ولآخرتي حارث.

فمن الله فاسمعوا ... وإلى الله فارجعوا

فإذا ما سمعتم ما ... أتيت به ... فعوا (١)

وبعدئذ لا يبقى لأحد أن يعترض على صوفي , أو ينتقد فعلا من أفعاله , أو يطعن في أمر من أوامره, أو يتكلم في تعليم من تعاليمه, مهما كان مخالفًا للعقل والنقل , لأن النقل مأخوذ ميتًا عن ميت كما روى السهلجي عن أستاذه أنه قال:

" حضرت مجلس أبي يزيد البسطامي والناس يقولون: فلان لقي فلانًا.

قال أبو يزيد: مساكين أخذوا ميتًا عن ميت, وأخذنا علمنا من الحي الذي لا يموت.


(١) ((فصوص الحكم)) لابن عربي ص٤٧ - ٤٨ مقدمة الكتاب, ط دار الكتاب العربي بيروت بتعليق أبي العلا عفيفي.

<<  <   >  >>