للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مثل السكران , فورمت قدماه ومات " (١).

وذكر الهجويري وقائع عديدة في وجد المتصوفة وتواجدهم , وقوة سلطانه وهيجانه وغليانه , فقال:

" ويقول واحد من كبار المشايخ: سمعت مع درويش في بغداد صوت مغن كان يغني.

(شعر عربي)

مني أن تكن حقاً تكن أحسن المنى ... وإلا فقد عشنا بها زمناً رغداً

فصرخ ذلك الدرويش وفارق الدنيا.

ومثل هذا , يقول أبو علي الرودباري رضي الله عنه: رأيت درويشاً كان قد شغل بغناء مغن , فأصغيت أنا أيضاً لأرى ما يقول , فكان ذلك المغني يقول بصوت حزين:

" أمد كفى بالخضوع إلى الذي جاد بالصنيع "

فصرخ الدرويش ووقع , فلما اقتربت منه وجدته ميتاً.

ويقول قائل كنت أسير مع إبراهيم الخواص رحمه الله في طريق , فظهر طرب في قلبي , فغنيت هذا الشعر:

(شعر عربي)

صح عند الناس إني عاشق ... غير أن لم يعلموا عشقي لمن

ليس في الإنسان شيء حسن ... إلا وأحسن منه صوت حسن

فقال لي: أعد هذا الشعر , فأعدته , فضرب الأرض عدة ضربات من الوجد , فلما نظرت كانت أقدامه تغوص في الحجر كما لو كانت تغوص في شمع , ثم وقع مغشياً عليه. فلما أفاق قال لي: كنت في روضة الجنة وأنت لم تر.

ومن هذا الجنس حكايات أكثر من أن يحتملها هذا الكتاب.

وقد رأيت معاينة درويشاً كان يسير في جبال أذربيجان , ويقول هذه الأبيات


(١) طبقات الأولياء لابن الملقن ص ٦٨ , ٦٩ , أيضا الكواكب الدرية ج ١ ص ٩٦ وأيضا إحياء ج ٢ ص ٢٦٦.

<<  <   >  >>