للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

دون القارئين؟ فكان ينبغي أن يكون اجتماعهم وتواجدهم في حلق القراء لا حلق المغنين؟ وكان ينبغي أن يطلب عند كل اجتماع في كل دعوة قارئ لا قوال؟ فإن كلام الله تعالى أفضل من الغناء لا محالة , فأعلم أن الغناء أشد تهييجاً للوجد من القرآن من سبعة أوجه:

الوجه الأول: إن جميع آيات القرآن لا تناسب حال المستمع ولا تصلح لفهمه وتنزيله على ما هو ملابس له ... الوجه الثاني: إن القرآن محفوظ للأكثرين ومتكرر على الأسماع والقلوب , وكلّما سمع أولاً عظم أثره في القلوب , وفي الكرة الثانية يضعف أثره وفي الثالثة يكاد يسقط أثره.

الوجه الثالث: أن لوزن الكلام بذوق الشعر تأثيراً في النفس فليس الصوت الموزون الطيب كالصوت الطيب الذي ليس بموزون , وإنما يوجد الوزن في الشعر دون الآيات ...

الوجه الرابع: إن الشعر الموزون يختلف تأثيره في النفس بالألحان التي تسمى الطرق والاستانات , وإنما اختلاف تلك الطرق بمد المقصور وقصر الممدود والوقف في أثناء الكلمات والقطع والوصل في بعضها. وهذا التصرف جائز في الشعر ولا يجوز في القرآن إلا التلاوة كما أنزل , ومدّ الوقف والوصل والقطع به على خلاف ما تقتضيه التلاوة حرام ومكروه , وإذا رتل القرآن كما أنزل سقط عنه الأثر الذي سببه وزن الألحان وهو سبب مستقل بالتأثير وإن لم يكن مفهوماً , كما في الأوتار والمزمار والشاهين وسائر الأصوات التي تفهم.

الوجه الخامس: أن الألحان الموزونة تعضد وتؤكد بإيقاعات وأصوات أخر موزونة خارج الحلق كالضرب بالقضيب والدف وغيره , لأن الوجد الضعيف لا يستثار إلا بسبب قوي , وإنما يقوى بمجموع هذه الأسباب , ولكل واحد منها حظ في التأثير ...

الوجه السادس: إن المغني قد يغني ببيت لا يوافق حال السامع فيكرهه وينهاه عنه ويستدعي غيره فليس كل موافقاً لكل حال - والقرآن ليس كذلك -.

وههنا وجه سابع ذكره أبو نصر السراج الطوسي في الاعتذار عن ذلك - وسنذكر

<<  <   >  >>