للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال: دعني عنك , قلت في نفسي: عبد من أنا , وكلام من أتلو , وبيت من أنا قاصد , فاستفزّني الوجد فرقصت (١).

ونقل الجعلي الفضلي عن سلمان العوضي أن أصحابه كانوا يقرشون الجمر والواحد يملأ عمامته حجراً ويضعها على رأسه ويرقص (٢).

ويضيف بعض الصوفية إلى الرقص في السماع تمزيق الثياب وخرقها أيضاً كما ينقل الوزير لسان الدين بن الخطيب عن بعض الشيوخ:

" مرّ على خانقاه بالمشرق , فخرج إليه فقراء استدعوه إلى شيخها , فوجد جمعاً , فقال الشيخ: يا مغربي , حسن الظن بسمتك. وحكمناك في هذه الأحدوثة التي اجتمع لها الفقراء. وهي: أن هذا الفقير رقص وغلبه الوجد , وخطر له تمزيق ثيابه , فعدل عن عن جديد قريب عن ظاهره , إلى خلق كان باشر جسده فمزقه , فطالبه لمكان هذه البقية , قال: فقلت: يا مولانا. هذا الفقير لما طلب قلبه ولم يجده ليمزقه مزق أقرب الأشياء إليه وأشبهها به في الأخلاق والرقة , وفي مثل ذلك يقول الشاعر:

يفل غداّ جيش النوى عسكر اللقا ... فرأيك في سمح الدموع موفقاً

وخد جرى عن كون جسمي سالماً ... وذرعي , ومن حقيهما أن يشققا

يدي لم تطق تمزيق جسمي لضعفها ... ولم يك قلبي حاضراً فيمزقا

فصاح الشيخ , وعاد الوجد , وقاموا إلى رقصهم (٣).

وحكى الشعراني عن أبي حفص الحداد النيسابوري أنه قيل له:

" إن فلاناً من أصحابك يدور حول السماع فإذا سمع بكى وصاح ومزّق ثيابه فقال:

أيش يعمل الغريق؟

يتعلق بكل شيء يظن فيه نجاته (٤).


(١) غيث المواهب العلية للنفزي الرندي ج ٢ ص ٢٢١.
(٢) كتاب الطبقات للجعلي الفضلي ص ٩٤ ط المكتبة الثقافية بيروت.
(٣) روضة التعريف للوزير لسان الدين بن الخطيب ... ص ٣٧١ , ٣٧٢.
(٤) طبقات الشعراني ج ١ ص ٨١.

<<  <   >  >>