للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وذكر الشعراني أيضاً جمعاً من الصوفية مزقوا ثيابهم وخرجوا عرايا إلى الصحراء , فينقل عن الجيلي أنه رفع له شخص أدعى أنه يرى الله عز وجل بعيني رأسه , فقال: أحق ما يقولون عنك؟

فقال: نعم , فانتهره ونهاه عن هذا القول وأخذ عليه أن لا يعود إليه , فقيل للشيخ: أمحقّ هذا أم مبطل؟

فقال: هذا محق ملبس عليه , وذلك شهد ببصيرته نور الجمال ثم خرق من بصيرته إلى بصره لمعة فرأى بصره ببصيرته , وبصيرته يتصل شعاعها بنور شهوده فيظن أن بصره رأى ما شهده ببصيرته , وإنما رأى بصره ببصيرته فقط وهو لا يدري.

وكان جمع من المشايخ وأكابر العلماء حاضرين هذه الوقعة فأطربهم سماع هذا الكلام ودهشوا من حسن إفصاحه عن حال الرجل , ومزّق جماعة ثيابهم وخرجوا عرايا إلى الصحراء (١).

وعلى ذلك كتب الهجويري:

" أعلم أن تخريق الثياب بين هذه الطائفة أمر معتاد , وقد فعلوا هذا في المجامع الكبرى التي كان المشايخ الكبار رضي الله عنهم حاضرين فيها " (٢).

وقد أباح الغزالي أيضاً تمزيق الثياب وتقطيعها حيث يقول:

" فإن قلت: فما تقول في تمزيق الصوفية الثياب الجديدة بعد سكون الوجد والفراغ من السماع فإنهم يمزقونها قطعاً صغاراً ويفرقونها على القوم ويسمونها الخرقة؟ فأعلم أن ذلك مباح " (٣).

وأخيراً ننقل ما قاله الإمام ابن الجوزي في بيان الخرقة الصوفية فيقول:

" فإذا اشتد طربهم رموا ثيابهم على المغني فمنهم من يرمي بها صحاحاً ومنهم من يخرقها ثم يرمي بها وقد احتج لهم بعض الجهال فقال هؤلاء فقال هؤلاء في غيبة فلا يلامون فإن


(١) طبقات الشعراني ج ١ ص ١٢٦ , ١٢٧.
(٢) كشف المحجوب للهجويري ص ٦٦٥.
(٣) إحياء علوم الدين للغزالي ج ٢ ص ٢٧٩.

<<  <   >  >>