للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأنّى لأحد من الأمة هذا الخيار في حق من قال: (لو كان موسى حياً ما وسعه إلا إتباعي) (١).

فالمتأدب والمُتّبع لا يخطو إلا على خطواته , ولا يقفوا إلاَ أثره , ولا يمشي إلا خلفه , لا يتقدم بين يديه ولا يرفع صوته فوق صوته , ولا يجهر له بالقول خوفاً من أن يحبط عمله وهو لا يشعر , فكلامه حق , وأمره مسلّم , وقضاؤه محكم , وإرشاده ملزم , فلا ذكر أفضل من ذكره , ولا دعاء أحسن من دعائه , ولا التسبيح ألطف من تسبيحه , ولا التحميد أروع من تحميده , فلا طريقة , ولا سنة دون سنته , ولا ورد غير ورده , ولا صلاة ولا سلام أفضل من صلاته الذي نطق بهما وعلّمها أصحابه.

وإن توظيف الوظائف والأوراد من حقه واختصاصه كما صرح بذلك الصوفي المشهور وشيخ الطريقة المشهورة , أبو الحسن الشاذلي كما نقل عنه المشخانوي , فقال:

" دخل رجل على أستاذي (عبد السلام بن مشيش) فقال له:

وظف لي وظائف وأوراداً , فغضب الشيخ منه وقال له: أرسول أنا أوجب الواجبات " (٢).

وبذلك قال ابن زروق في قواعده:

" تحديد ما لم يرد في الشرع تحديده ابتداع في الدين , فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حدد كل شيء ولا يجوز التجاوز عنه " (٣).

ولكن الصوفية يخالفون رسول الله في هذا كما يخالفونه وأوامر ربه في أشياء أخرى عديدة , فاختلقوا أوراداً , وأخترعوا وظائف , وبينوا لها ثواباً من عند أنفسهم كأنهم مشرعون , والموحى إليهم , وأنشئوا لها هيئات , وأحدثوا لها آداباً , وأوجبوا لها حلقاً كأنهم علموا شيئاً لم يعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم , أو علمه فكتمه ولم يخبر


(١) رواه؟
(٢) جامع الأصول في الأولياء لأحمد الكمشخانوي ص ٤٢ , أيضاً المدرسة الشاذلية وإمامها أبو الحسن للدكتور عبد الحليم محمود ص ٢٨ ط ... دار الكتب الحديثة القاهرة واللفظ له.
(٣) قواعد التصوف لأبي العباس أحمد بن زروق ص ٥٦ ط مكتبة الكليات الأزهرية مصر.

<<  <   >  >>