للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولما كبر قال:

" رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ببغداد وأنا على الكرسي وهو صلى الله عليه وسلم راكب وموسى عليه السلام إلى جانبه , فقال: يا موسى , أفي أمتك رجل هكذا؟

قال: لا , فقال لي: يا عبد القادر وهو في الهواء فعانقني وألبسني خلعة كانت عليه , وقال: هذه خلعة القطبية على الرجال والأبدال , ثم تفل في فمي ثلاثاً وردّني إلى المنبر , فترنمت هذه الأبيات:

سأشربها في كل دير وبيعه

وأظهر للعشاق ديني ومذهبي

وأضرب فوق السطح بالدف جلوة

لكاساتها لا في الزوايات مختبي " (١).

وأما معرفته بعلم الغيب وما يختلج في الصدور فروايات وروايات , وحكايات وحكايات , وكتب القوم مليئة منها , وواحدة من ذلك البحر الخضم هي:

" لما أشتهر أمره في الآفاق اجتمع مائة فقيه من أذكياء بغداد يمتحنونه في العلم , فجمع كل واحد له مسائل وجاء إليه , فلما استقر بهم المجلس أطرق الشيخ فظهرت من صدره بارقة من نور فمرت على صدور المائة فمحت ما في قلوبهم فبهتوا واضطربوا وصاحوا صيحة واحدة ومزّقوا ثيابهم وكشفوا رؤوسهم , ثم صعد الكرسي وأجاب الجميع عما كان عندهم , فاعترفوا بفضله " (٢).

وأخرى ما ذكره الشنطوفي عن محمد بن سهل أنه قال:

" حضرت مجلس الشيخ عبد القادر رضي الله عنه في سنة تسع وعشرين وخمسمائة وكنت في أخيريات الناس , وكان يتكلم في الزهد , قلت في نفسي: أريد أن يتكلم في المعرفة فقطع كلامه من الزهد وتكلم في المعرفة كلاماً ما سمعت مثله , فقلت في نفسي: أريد أن يتكلم في علم الغيبة والحضور فقطع كلامه من المعرفة وتكلم في الغيبة والحضور كلاماً ما سمعت مثله , فقلت في نفسي: أريد أن يتكلم في الشوق فقطع كلامه من الغيبة والحضور وتكلم كلاماً في الشوق ما سمعت مثله , فقلت في نفسي: أريد أن يتكلم في


(١) قلائد ص ٢٢.
(٢) الطبقات الكبرى للشعراني ج ١ ص ١٢٧ , بهجة الأسرار ص ٩٦ , جامع كرامات الأولياء للنبهاني ٢/ ٩٠.

<<  <   >  >>