فحملهم الله تعالى على نهج العدل؛ وأنزل عليهم أمره ونهيه؛ وبين لهم حلاله وحرامه؛ وندبهم إلى الإنصاف في المعاملات وما يتعاطونه من البياعات، لتكون حجته لهم لازمة أدلة الخلق والأمر؛ فيمتحنهم بما يبلو أخبارهم؛ ويكشف عن عقائدهم وأسرارهم فيكونوا مستوجبين بما يظهر منهم الثواب والعقاب.
وإن الله لم يخل زمنا من الأزمان من نبي يرشد الخلق إلى الحق ويؤدبهم.
وحين ختم الله النبوة والرسالة بخاتم النبيين وسيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم؛ استخلف في أمته الأمراء الراشدين، والولاة المهتدين، ليقوموا بنصرة الدين؛ وليعدلوا بين الخلق أجمعين، ويحملوهم على الصراط المستقيم؛ فإن بالعدل يحسن الزمان، وتخصب البلاد وتأمن السبل ويطيب العيش، وتنتظم أسباب الحياة.
والعدل من أفضل الفضائل، وأجلها قدرا وأشرفها خطرًا وأعلاها رتبة؛ وأرفعها درجة؛ وأسماها منزلة.
باستعماله يحصل رضا الخالق ومحبة المخلوقين؛ والسعادة في دار الأبد؛ والفوز بالنعيم السرمد، فألفت جزءا يشتمل على أحاديث مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم من بعض مسموعاتي، على سبيل الاختصار، دون التطويل والإكثار، مما لا يستغني عنها الأمير والمأمور؛ والراعي والرعية.
والله ولي التوفيق للصواب؛ والهداية إلى سبيل الرشاد.