للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرَجَعَتْ رُسُلُ قُرَيْشٍ إِلَيْهِمْ فَأَخْبَرُوهُمْ بِذَلِكَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى النَّبِيِّ فَلَقِيَهُمْ، فَقَالُوا: يَابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، إِنَّا سَائِلُوكَ عَنْ خِلالٍ ثَلاثٍ فَإِنْ أَخْبَرْتَنَا بِهِنَّ فَأَنْتَ صَادِقٌ وَإِلا فَلا تَذْكُرَنَّ آلِهَتَنَا بِشَيْءٍ.

فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ: «وَمَا هُنَّ؟» .

قَالُوا: أَخْبِرْنَا عَنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ فَإِنَّا قَدْ أُخْبِرْنَا عَنْهُمْ بِآيَةٍ بَيِّنَةٍ، وَأَخْبِرْنَا عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ فَإِنَّا قَدْ أُخْبِرْنَا عَنْهُ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ، وَأَخْبِرْنَا عَنِ الرُّوحِ.

فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ: أَنْظِرُونِي حَتَّى أَنْظُرَ مَاذَا يُحْدِثُ إِلَيَّ فِيهِ رَبِّي.

قَالُوا: فَإِنَّا نَاظِرُوكَ فِيهِ ثَلاثًا.

فَمَكَثَ نَبِيُّ اللَّهِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ لا يَأْتِيهِ جِبْرِيلُ، ثُمَّ أَتَاهُ، فَاسْتَبْشَرَ بِهِ النَّبِيُّ وَقَالَ: «يَا جِبْرِيلُ، قَدْ رَأَيْتَ مَا سَأَلَ عَنْهُ قَوْمِي ثُمَّ لَمْ تَأْتِنِي» ، قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] فَإِذَا شَاءَ رَبُّكَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: إِنَّ اللَّهَ قَالَ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ

الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا} [الإسراء: ٨٥] .

ثُمَّ قَالَ لَهُ: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ} [الكهف: ٩] فَذَكَرَ قِصَّتَهُمْ.

قَالَ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ} [الكهف: ٨٣] فَذَكَرَ قِصَّتَهُ.

ثُمَّ لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ قُرَيْشًا فِي آخِرِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَقَالُوا: مَاذَا أَحْدَثَ إِلَيْكَ رَبُّكَ فِي الَّذِي سَأَلْنَاكَ عَنْهُ؟ فَقَصَّهُ عَلَيْهِمْ.

فَعَجِبُوا، وَغَلَبَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُصَدِّقُوهُ.

- هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَّرَ الرُّوحَ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ كَفَّ عَنْ تَفْسِيرِهَا.

وَأَحْسَبُ أَنَّ هِشَامًا أَوْ غَيْرَهُ ذَكَرَ أَنَّ قَتَادَةَ فَسَّرَهَا مَرَّةً ثُمَّ كَفَّ.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: الرُّوحُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَوَجْهُهُ عَلَى صُورَةِ الإِنْسَانِ وَجَسَدُهُ عَلَى صُورَةِ الْمَلائِكَةِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي عم يَتَسَاءَلُونَ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ} [النبأ: ٣٨] ، يَعْنِي ذَلِكَ الْمَلَكَ، وَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ مَخْلُوقٍ، وَتَحْتَ الْعَرْشِ، وَهُوَ حَافِظٌ عَلَى الْمَلائِكَةِ يَقُومُ عَلَى يَمِينِ الْعَرْشِ صَفًّا وَاحِدًا وَالْمَلائِكَةُ صَفٌّ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} [الإسراء: ٨٥] ، يَعْنِي ذَلِكَ الْمَلَكَ {قُلِ الرُّوحُ مِنْ

أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: ٨٥] لَمْ يُحِيطُوا بِهِ عِلْمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>