وَهُوَ كَمَا تَرَكُوهُ، فَيُنَقِّبُونَهُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ، فَلا يَأْتُونَ عَلَى شَيْءٍ
إِلا أَفْسَدُوهُ.
فَيَمُرُّ أَوَّلُهُمْ عَلَى الْبُحَيْرَةِ فَيَشْرَبُونَ مَاءَهَا، وَيَمُرُّ أَوْسَطُهُمْ فَيَلْحَسُونَ طِينَهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُ: قَدْ كَانَ هَاهُنَا مَرَّةً مَاءٌ، فَيَقْهَرُونَ النَّاسَ وَيَفِرُّ النَّاسُ مِنْهُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ وَالْجِبَالِ فَيَقُولُونَ: قَدْ قَهَرْنَا أَهْلَ الأَرْضِ فَهَلُمُّوا إِلَى أَهْلِ السَّمَاءِ.
فَيَرْمُونَ نِبَالَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فَتَرْجِعُ تَقْطُرُ دَمًا فَيَقُولُونَ: قَدْ فَرَغْنَا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ وَأَهْلِ السَّمَاءِ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَضْعَفَ خَلْقِهِ: النَّغَفَ، دُودَةً تَأْخُذُهُمْ فِي رِقَابِهِمْ فَتَقْتُلُهُمْ حَتَّى تُنْتِنَ الأَرْضُ مِنْ جِيَفِهِمْ، وَيُرْسِلُ اللَّهُ الطَّيْرَ فَتَنْقُلُ جِيَفَهُمْ إِلَى الْبَحْرِ.
ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ السَّمَاءَ فَيُطَهِّرُ الأَرْضَ، وَتُخْرِجُ الأَرْضُ زَهْرَتَهَا وَبَرَكَتَهَا وَيَتَرَاجَعُ النَّاسُ حَتَّى إِنَّ الرُّمَّانَةَ لَتُشْبِعُ السَّكْنَ.
قِيلَ: وَمَا السَّكْنُ؟ قَالَ: أَهْلُ الْبَيْتِ.
وَتَكُونُ سُلْوَةً مِنْ عَيْشٍ.
فَبَيْنَمَا النَّاسُ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَهُمْ خَبَرٌ أَنَّ ذَا السُّوَيْقَتَيْنِ صَاحِبَ الْجَيْشِ قَدْ غَزَا الْبَيْتَ.
فَيَبْعَثُ اللَّهُ جَيْشًا فَلا يَصِلُونَ إِلَيْهِمْ وَلا يَرْجِعُونَ إِلَى أَصْحَابِهِمْ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً يَمَانِيَّةً مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ.
فَتَكْفِتُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ، ثُمَّ لا أَجِدُ مِثْلَ السَّاعَةِ إِلا كَرَجُلٍ أَنْتَجَ مُهْرًا لَهُ فَهُوَ يَنْتَظِرُ مَتَى يَرْكَبُهُ.
فَمَنْ تَكَلَّفَ مِنْ أَمْرِ السَّاعَةِ مَا وَرَاءَ هَذَا فَهُوَ مُتَكَلِّفٌ.
عَاصِمُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ بَعْضِ مَنْ أَدْرَكَ، أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ يَقْتُلُ الدَّجَّالَ بِبَابِ لُدٍّ أَوْ عِنْدَهَا، فَبَيْنَمَا النَّاسُ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى أَنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لا يَدِينُ لأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ فَاحْرُزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ.
وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهُمْ كَمَا قَصَّ: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: ٩٦] .
فَيَمُرُّ أَوَّلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ: قَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَاءٌ مَرَّةً، وَيَسِيرُونَ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى جَبَلِ الْخَمَرِ لا يَعْدُونَهُ فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: قَدْ قَتَلْنَا مَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ دَانَ لَنَا، فَهَلُمُّوا فَلْنَقْتُلْ مَنْ فِي السَّمَاءِ.
فَيَرْمُونَ بِنِشَابِهِمْ نَحْوَ السَّمَاءِ فَيَرُدُّهَا اللَّهُ مَخْضُوبَةً دِمَاءً، وَيَحْصُرُونَ نَبِيَّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابَهُ.
فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ رَغِبُوا