للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِرَاعًا، ثُمَّ قِيلَ لَهُ: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} [ص: ٤٢] أَيْضًا، فَرَكَضَ بِرِجْلِهِ رَكْضَةً أُخْرَى، فَإِذَا عَيْنٌ، فَشَرِبَ مِنْهَا، فَأَذْهَبَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَاطِنَ دَائِهِ، وَرَدَّ عَلَيْهِ أَهْلَهُ، وَوَلَدَهُ وَأَمْوَالَهُ مِنَ الْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ، وَالْحَيَوَانِ، وَكُلِّ شَيْءٍ هَلَكَ بِعَيْنِهِ.

ثُمَّ أَبْقَاهُ اللَّهُ فِيهَا حَتَى وَهَبَ لَهُ مِنْ نُسُولِهَا أَمْثَالَهَا، فَهُوَ قَوْلُهُ: {وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ} [ص: ٤٣] قَالَ قَتَادَةُ: أَحْيَا اللَّهُ لَهُ أَهْلَهُ بِأَعْيَانِهِمْ، وَأَعْطَاهُ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَحْيَا وَلَدَ أَيُّوبَ بِأَعْيَانِهِمْ، وَكَانُوا مَاتُوا قَبْلَ آجَالِهِمْ تَسْلِيطًا مِنَ اللَّهِ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِمْ، فَأَحْيَاهُمُ اللَّهُ، فَوَفَّاهُمْ آجَالَهُمْ.

وَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَبْقَاهُ فِيهِمْ حَتَّى أَعْطَاهُ مِنْ نُسُولِهِمْ مِثْلَهُمْ.

وَإِنَّ إِبْلِيسَ قَالَ: يَا أَيُّوبُ وَهُوَ يَأْتِيهِ عِيَانًا، اذْبَحْ لِي سَخْلَةً مِنْ غَنَمِكَ، قَالَ: لا وَلا كَفًّا مِنْ تُرَابٍ.

- الصَّلْتُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: لا يَبْلُغُ عَبْدٌ الْكُفْرَ وَالإِشْرَاكَ حَتَّى يَذْبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، أَوْ يُصَلِّيَ لِغَيْرِ اللَّهِ، أَوْ يَدْعُوَ غَيْرَ اللَّهِ.

وَحَدَّثَنِي أَبُو أُمَيَّةَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَحْتَجُّ عَلَى النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِثَلاثَةٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ، فَيَجِيءُ الْعَبْدُ فَيَقُولُ: أَعْطَيْتَنِي جَمَالًا فِي الدُّنْيَا فَأُعْجِبْتُ بِهِ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَعَمِلْتُ بِطَاعَتِكَ.

فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: الْجَمَالُ الَّذِي أَعْطَيْتُ فِي الدُّنْيَا أَفْضَلُ أَوِ الْجَمَالُ الَّذِي أُعْطِيَ يُوسُفَ؟ فَيَقُولُ الْعَبْدُ: لا، الْجَمَالُ الَّذِي أُعْطِيَ يُوسُفَ.

فَيَقُولُ اللَّهُ: إِنَّ يُوسُفَ كَانَ يَعْمَلُ بِطَاعَتِي، فَيَحْتَجُّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ.

وَيَأْتِي الْعَبْدُ فَيَقُولُ: ابْتَلَيْتَنِي فِي الدُّنْيَا، وَلَوْلا ذَلِكَ لَعَمِلْتُ بِطَاعَتِكَ.

فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: الْبَلاءُ الَّذِي ابْتُلِيتَ بِهِ فِي الدُّنْيَا أَشَدُّ أَوِ الْبَلاءُ الَّذِي ابْتُلِيَ بِهِ أَيُّوبُ؟ فَيَقُولُ الْعَبْدُ: الْبَلاءُ الَّذِي ابْتُلِيَ بِهِ أَيُّوبُ.

فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: قَدْ كَانَ أَيُّوبُ يَعْمَلُ بِطَاعَتِي، فَيَحْتَجُّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ.

وَيَجِيءُ الْعَبْدُ فَيَقُولُ: أَعْطَيْتَنِي مُلْكًا فِي الدُّنْيَا فَأُعْجَبْتُ بِهِ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَعَمِلْتُ بِطَاعَتِكَ.

فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: الْمُلْكُ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ فِي الدُّنْيَا أَفْضَلُ أَوِ الْمَلْكُ الَّذِي أُعْطِيَ سُلَيْمَانَ؟ فَيَقُولُ الْعَبْدُ: الْمُلْكُ الَّذِي أُعْطِيَ سُلَيْمَانَ.

فَيَقُولُ اللَّهُ: قَدْ كَانَ سُلَيْمَانُ يَعْمَلُ بِطَاعَتِي، فَيَحْتَجُّ اللَّهُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>