للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّ الْعَذَابَ يَأْتِيهِمْ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا.

فَلَمَّا دَنَا الْوَقْتُ تَنَحَّى عَنْهُمْ، فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ الْوَقْتِ بِيَوْمٍ جَاءَ فَجَعَلَ يَطُوفُ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ يَبْكِي وَيَقُولُ: غَدًا يَأْتِيكُمُ الْعَذَابُ.

فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَانْطَلَقَ إِلَى الْمَلِكِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ يُونُسَ يَبْكِي وَيَقُولُ: غَدًا يَأْتِيكُمُ الْعَذَابُ.

فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ الْمَلِكُ دَعَا قَوْمَهُ، فَأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ وَقَالَ: إِنْ كَانَ هَذَا حَقًّا فَسَيَأْتِيكُمُ الْعَذَابُ غَدًا، فَاجْتَمِعُوا حَتَّى نَنْظُرَ فِي أَمْرِنَا.

فَاجْتَمَعُوا، فَخَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ مِنَ الْغَدِ، فَنَظَرُوا فَإِذَا بِظُلْمَةٍ وَرِيحٍ شَدِيدَةٍ قَدْ أَقْبَلَتْ نَحْوَهُمْ.

فَعَلِمُوا أَنَّهُ الْحَقُّ، فَفَرَّقُوا بَيْنَ الصِّبْيَانِ وَبَيْنَ أُمَّهَاتِهِمْ، وَبَيْنَ الْبَهَائِمِ وَبَيْنَ أُمَّهَاتِهَا، وَلَبِسُوا الشَّعْرَ، وَجَعَلُوا الرَّمَادَ وَالتُّرَابَ عَلَى رُءُوسِهِمْ تَوَاضُعًا لِلَّهِ وَتَضَرَّعُوا إِلَيْهِ، وَبَكَوْا، وَآمَنُوا.

فَصَرَفَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْعَذَابَ.

وَاشْتَرَطَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ أَلا يَكْذِبَ مِنْهُمْ أَحَدٌ كَذِبَةً إِلا قَطَعُوا لِسَانَهُ.

فَجَاءَ يُونُسُ مِنَ الْغَدِ، فَنَظَرَ فَإِذَا الْمَدِينَةُ عَلَى حَالِهَا، وَإِذَا النَّاسُ دَاخِلُونَ وَخَارِجُونَ.

فَقَالَ: أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ أُخْبِرَ قَوْمِي أَنَّ الْعَذَابَ يَأْتِيهِمْ فَلَمْ يَأْتِهِمْ، فَكَيْفَ أَلْقَاهُمْ؟ فَانْطَلَقَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَإِذَا سَفِينَةٌ فِي الْبَحْرِ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ، فَأَتَوْهُ، فَحَمَلُوهُ وَلا يَعْرِفُونَهُ.

فَانْطَلَقَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّفِينَةِ، فَتَقَنَّعَ وَرَقَدَ.

فَمَا مَضَى إِلا قَلِيلًا حَتَّى جَاءَتْهُمْ رِيحٌ كَادَتْ تُغْرِقُ السَّفِينَةَ.

فَاجْتَمَعَ أَهْلُ السَّفِينَةِ، فَدَعُوا اللَّهَ ثُمَّ قَالُوا: أَيْقِظُوا الرَّجُلَ يَدْعُو اللَّهَ مَعَنَا فَفَعَلُوا.

فَدَعَا اللَّهَ مَعَهُمْ، فَرَفَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُمْ تِلْكَ الرِّيحَ.

ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى مَكَانِهِ فَرَقَدَ.

فَجَاءَتْ رِيحٌ كَادَتِ السَّفِينَةُ تَغْرَقُ.

فَأَيْقَظُوهُ وَدَعَوُا اللَّهَ، فَارْتَفَعَتِ الرِّيحُ.

ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى مَكَانِهِ فَرَقَدَ.

فَجَاءَتْ رِيحٌ كَادَتِ السَّفِينَةُ تَغْرَقُ، فَأَيْقَظُوهُ وَدَعَوُا اللَّهَ، فَارْتَفَعَتْ.

فَتَفَكَّرَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ يُونُسُ فَقَالَ: هَذَا مِنْ خَطِيئَتِي أَوْ قَالَ: مِنْ ذَنْبِي أَوْ كَمَا قَالَ.

فَقَالَ لأَهْلِ السَّفِينَةِ: شُدُّونِي وِثَاقًا وَأَلْقُونِي فِي الْبَحْرِ.

فَقَالُوا: مَا كُنَّا لِنَفْعَلَ وَحَالُكَ حَالُكَ، وَلَكِنَّا نَقْتَرِعُ، فَمَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>