وَكَانَ الَّذِي رَأَتْ مِنْ قُوَّتِهِ فِي تَفْسِيرِ الْحَسَنِ أَنَّهُ لَمْ تَلْبَثْ مَاشِيَتُهُمَا أَنْ أَرْوَاهَا، وَأَنَّ الأَمَانَةَ الَّتِي رَأَتْ مِنْهُ أَنَّهَا حِينَ جَاءَتْهُ تَدْعُوهُ قَالَ لَهَا: كُونِي وَرَائِي، وَكَرِهَ أَنْ يَسْتَدْبِرَهَا، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: فِي قَوْلِهَا: {الْقَوِيُّ} [القصص: ٢٦] أَنَّهُ كَانَ عَلَى تِلْكَ الْبِئْرِ الَّتِي سَقَى مِنْهَا صَخْرَةٌ لا يَرْفَعُهَا إِلا أَرْبَعُونَ رَجُلا، فَرَفَعَهَا مُوسَى وَحْدَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ سَأَلَهُمَا: هَلْ هَاهُنَا بِئْرٌ غَيْرُ هَذِهِ؟ فَقَالَتَا: نَعَمْ، وَلَكِنْ
عَلَيْهَا صَخْرَةٌ لا يَرْفَعُهَا إِلا أَرْبَعُونَ رَجُلا.
{قَالَ} الشَّيْخُ لِمُوسَى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي} [القصص: ٢٧] ، أَيْ: عَلَى أَنْ تُؤَاجِرَنِي نَفْسَكَ.
{ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} [القصص: ٢٧] ، أَيْ: فِي الرِّفْقِ بِكَ.
فَقَالَ لِمُوسَى فِي آخِرِ ذَلِكَ: كُلُّ سِخْلَةٍ تَخْرُجُ عَلَى غَيْرِ شَبَهِ أُمِّهَا فِي هَذَا الْبَطْنِ فَهِيَ لَكَ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى: إِذَا مَلأْتَ الْحِيَاضَ وَقَرُبْتَهَا لِتَشْرَبَ، فَأَلْقِ عَصَاكَ فِي الْحِيَاضِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَوَلَدْنُ كُلُّهُنَّ خِلافَ شَبَهِ أُمِّهَا، فَذَهَبَ مُوسَى بِأَوْلادِ غَنَمِهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُّ بَلْقَاءَ تُولَدُ فَهِيَ لَكَ، فَوُلِدْنَ بُلْقًا كُلُّهُنَّ.
قَالَ مُوسَى {ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} [القصص: ٢٨] ، أَيَّ الأَجَلَيْنِ قَضَيْتَ فِيمَا حَدَّثَنِي قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ قَتَادَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute