للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالأَسْكَنْدَرِيَّةِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: زَعَمَ جَسْطَانُ هَذِهِ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ يُكْسَفُ بِالْقَمَرِ اللَّيْلَةَ، أَوْ أَنَّ الْقَمَرَ يَنْكَسِفُ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ رَجُلٌ: كَذَبُوا، هَذَا هُمْ عَلِمُوا مَا فِي الأَرْضِ فَمَا عِلْمُهُمْ بِمَا فِي السَّمَاءِ؟ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: إِنَّمَا الْغَيْبُ خَمْسَةٌ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا

تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: ٣٤] وَمَا سِوَى ذَلِكَ يَعْلَمُهُ قَوْمٌ وَيَجْهَلُهُ آخَرُونَ.

- وَحَدَّثَنِي أَبُو الأَشْهَبِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: أَضَلَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَاحِلَتَهُ فَذَهَبَ فِي طَلَبِهَا، فَلَقِيَ رَجُلا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَنْشَدَهُ إِيَّاهَا، فَقَالَ: أَلَسْتَ مَعَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، أَفَلا تَأْتِيهِ، فَيُخْبِرُكَ بِمَكَانِ رَاحِلَتِكَ؟ فَمَضَى الرَّجُلُ قَلِيلا، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ رَاحِلَتَهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: «فَمَا قُلْتَ لَهُ؟» قَالَ: وَمَا عَسَى أَنْ أَقُولَ لِرَجُلٍ مِنَ

الْمُشْرِكِينَ مُكَذِّبٍ؟ قَالَ: " أَفَلا قُلْتَ لَهُ: إِنَّ الْغَيْبَ لا يَعْلَمُهُ إِلا اللَّهُ، وَإِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَطْلُعْ قَطُّ إِلا بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ ".

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُمْ عَن الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم: ٧] ، يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ لا يُقِرُّونَ بِهَا، هُمْ مِنْهَا فِي غَفْلَةٍ كَقَوْلِهِ: {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: ٢٢] أَبْصَرَ حِينَ لَمْ يَنْفَعْهُ الْبَصَرُ.

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ} [الروم: ٨] إِلا لِلْبَعْثِ وَالْحِسَابِ، أَيْ: لَوْ تَفَكَّرُوا فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لَعَلِمُوا أَنَّ الَّذِي خَلَقَهُمَا يَبْعَثُ الْخَلْقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

قَالَ: {وَأَجَلٍ مُسَمًّى} [الروم: ٨] ، يَعْنِي: الْقِيَامَةَ، خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>