سَمِعَ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: مَا يَحْفَظُ جَمِيلٌ مَا يَحْفَظُ بِقَلْبٍ وَاحِدٍ، إِنَّ لَهُ لَقَلْبَيْنِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ} [الأحزاب: ٤] إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ مِثْلَ أُمِّهِ فِي التَّحْرِيمِ، فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا، وَلَكِنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ، {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {٣} فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ
لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: ٣-٤] وَكَانَ الظِّهَارُ عِنْدَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ طَلاقًا فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ الْكَفَّارَةَ.
قَالَ: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} [الأحزاب: ٤] عَاصِمُ بْنُ حَكِيمٍ، أَنَّ مُجَاهِدًا، قَالَ: هَذَا فِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، تَبَنَّاهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَكُونُ ذَلِيلا، فَيَأْتِي الرَّجُلُ ذَا الْقُوَّةِ وَالشَّرَفِ، فَيَقُولُ: أَنَا ابْنُكَ، فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَإِذَا قَبِلَهُ وَاتَّخَذَهُ ابْنًا أَصْبَحَ أَعَزَّ أَهْلِهَا، وَكَانَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مِنْهُمْ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَنَّاهُ يَوْمَئِذٍ عَلَى مَا كَانَ
يَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلامُ أَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ يُلْحِقُوهُمْ بِآبَائِهِمْ فَقَالَ: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ} [الأحزاب: ٤] ، يَعْنِي: ادِّعَاءَهُمْ هَؤُلاءِ وَقَوْلَ الرَّجُلِ لامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي.
قَالَ: {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [الأحزاب: ٤] يَهْدِي إِلَى الْهُدَى، وَقَوْلُهُ الْحَقُّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّهُ أَمَرَ هَؤُلاءِ الْمُدَّعِينَ أَنْ يُلْحِقُوا هَؤُلاءِ الْمُدَّعِينَ بِآبَائِهِمْ.
قَالَ: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: ٥] أَعْدَلُ عِنْدَ اللَّهِ.
{فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: ٥] ، يَعْنِي: الْمَوْلَى الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute