رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا، فَنَادَى بِصَوْتٍ أَسْمَعَ الْعَوَاتِقَ فِي الْخُدُورِ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُسْلِمْ بِقَلْبِهِ، أَلا لا تُؤْذُوا الْمُؤْمِنِينَ وَلا تَغْتَابُوهُمْ، وَلا تَتَبَعَّوُا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ فَضَحَهُ فِي بَيْتِهِ» .
وَحَدَّثَنِي هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّهُ مَنِ اسْتَحْمَدَ إِلَى النَّاسِ فِي الدُّنْيَا بِشَيْءٍ لَمْ يَسْتَحْمِدْ فِيهِ إِلَى اللَّهِ نَادَى مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَلا إِنَّ فُلانًا اسْتَحْمَدَ إِلَى النَّاسِ فِي الدُّنْيَا بِشَيْءٍ لَمْ يَسْتَحْمِدْ فِيهِ إِلَى اللَّهِ، وَمَنْ ذَمَّهُ النَّاسُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا لَمْ يُسْتَذَمَّ فِيهِ إِلَى اللَّهِ نَادَى مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَلا إِنَّ فُلانًا ذَمَّهُ النَّاسُ فِي الدُّنْيَا بِشَيْءٍ لَمْ يُسْتَذَمَّ فِيهِ إِلَى اللَّهِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: ٥٩] وَالْجِلْبَابُ الرِّدَاءُ تُقَنَّعُ بِهِ، وَتُغَطِّي بِهِ شِقَّ وَجْهِهَا الأَيْمَنَ، تُغَطِّي عَيْنَهَا الْيُمْنَى وَأَنْفَهَا.
{ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ} [الأحزاب: ٥٩] أَنَّهُنَّ حَرَائِرُ، مُسْلِمَاتٌ عَفَائِفُ.
{فَلا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: ٥٩] ، أَيْ: فَلا يُعْرَضُ لَهُنَّ بِالأَذَى، وَكَانَ الْمُنَافِقُونَ هُمُ الَّذِينَ كَانُوا يَتَعَرَّضُونَ لِلنِّسَاءِ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانُوا يَلْتَمِسُونَ الإِمَاءَ، وَلَمْ تَكُنْ تُعْرَفُ الْحُرَّةُ مِنَ الأَمَةِ بِاللَّيْلِ فَلَقِيَ نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ أَذًى شَدِيدًا، فَذَكَرْنَ ذَلِكَ لأَزْوَاجِهِنَّ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute