١١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا فُضَيْلٌ، عَنْ عَطِيَّةَ، فِي قَوْلِهِ: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} [الصافات: ١٤٣] قَالَ: «قَبْلَ ذَلِكَ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي الرَّخَاءِ، فَلَمَّا ذَكَرَهُ عِنْدَ الشِّدَّةِ أَنْجَاهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ فِرْعَوْنَ لَمَّا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ: {آمَنْتُ أَنَّهَ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} ⦗٣٩٥⦘[يونس: ٩٠] ، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: ٩١] . فَلَمْ يَكُنْ فِرْعَوْنُ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي الرَّخَاءِ، فَلَمْ يَقْبَلْهُ فِي الشِّدَّةِ حِينَ رَأَى بَأْسَهُ. وَكَانَ يُونُسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي الرَّخَاءِ، فَأَعَانَهُ فِي وَقْتِ الشِّدَّةِ، وَأَنْجَى قَوْمَهُ مِنَ الْعَذَابِ، بَعْدَ أَنْ قَدْ أَظَلَّهُمْ، وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بِغَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ، أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ} [غافر: ٨٤] ، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ} ، أَيْ هَذِهِ سُنَّةُ اللَّهِ، فَمَنْ أَهْلَكَ مِنَ الْأُمَمِ إِذَا رَأَوْا بَأْسَهُ آمَنُوا، وَلَوْ كَانُوا آمَنُوا بِذَلِكَ الْوَعِيدِ قَبْلَ وُقُوعِهِ لَنَفَعَهُمْ. وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ} [الشعراء: ١٥٧] ، {فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ} [النحل: ١١٣] ، ذَهَبَ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ إِلَى أَنَّ فِيهِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا: فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ، وَالْآيَةُ يَخْرُجُ مَعْنَاهَا عَلَى ظَاهِرِهِ، فَيَكُونُ: فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ لَمَّا أَظَلَّهُمُ الْعَذَابُ، وَرَأَوْا عَلَامَاتِ ذَلِكَ قَبْلَ أَخْذِهِ إِيَّاهُمْ، ثُمَّ أَخَذَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute