١ - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ عِرْفَانَ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ رَضِيَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» ⦗٣٨٦⦘. وَقَوْلُهُ: {سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: ٣١] ، وَ {سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ} [يونس: ٦٨] ، كُلُّ ذَلِكَ أَصْلُهُ مَا وَصَفْتُهُ لَكَ. وَقَوْلُهُ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ} [الأعلى: ١] ، أَيْ نَزِّهِ اسْمَهُ عَنْ غَيْرِ مَا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ. وَقَوْلُهُ: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [الحجر: ٩٨] ، أَيْ ادْعُهُ بِأَسْمَائِهِ، فَنَزِّهْهُ بِهَا عَمَّا قَالَهُ الْمُخَالِفُونَ. وَكُلُّ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ قَوْلِهِ: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [الحجر: ٩٨] ، وَ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ} [الأعلى: ١] ، فَمَعْنَاهُ كُلُّهُ: نَزِّهْهُ، وَعَظِّمْهُ مِنْ غَيْرِ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ. وَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ الرَّعْدِ: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ} [الرعد: ١٣] ، أَيْ كُلٌّ يُنَزِّهُهُ وَيُعَظِّمُهُ بِأَسْمَائِهِ، وَأَسْمَاءُ اللَّهِ صِفَاتٌ لَهُ، وَصِفَاتُ اللَّهِ مَدْحٌ. وَكُلُّ مَنْ ذَكَرَ اللَّهَ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ ⦗٣٨٧⦘ فَقَدْ أَطَاعَهُ، إِذَا وَصَفَهُ بِصِفَتِهِ الَّتِي رَضِيَهَا لِنَفْسِهِ وَنَفَى سِوَاهَا عَنْهُ. وَكَذَلِكَ قَوْلِهِ فِي الْحِجْرِ: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [الحجر: ٩٨] ، وَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ النَّمْلِ: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل: ٦٣] ، أَيْ تَعْظِيمًا لَهُ، وَتَنْزِيهًا عَنْ إِشْرَاكِهِمْ بِهِ. وَلَسْتَ تَرَى ذِكْرَ {سُبْحَانَ} [الإسراء: ١] فِي سَائِرِ الْقُرْآنِ إِلَّا وَمَعَهَا إِثْبَاتٌ وَنَفْيٌ، فَالْإِثْبَاتُ لِأَسْمَائِهِ الَّتِي هِيَ صِفَاتِهِ، وَالنَّفْيُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ، فَتَأَمَّلْهُ تَجِدْهُ فِي سَائِرِ الْقُرْآنِ. كَذَلِكَ قَوْلِهِ: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ} [النحل: ٥٧] ، وَقَوْلِهِ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: ١] ، أَيْ تَنْزِيهًا لَهُ، وَتَعْظِيمًا عَنْ قَوْلِ الْمُكَذِّبِينَ بِأَنْبَائِهِ عَلَى أَلْسِنَةِ أَنْبِيَائِهِ. وَكَذَلِكَ قَوْلِهِ: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} ، فَهَذَا إِثْبَاتٌ مِنْهُ عَزَّ وَعَلَا التَّسْبِيحَ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَأَنَّهُ لَا يَفْقَهُ تَسْبِيحَهُمْ إِلَّا هُوَ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُعَلِّمَ بَعْضَ خَلْقِهِ بَعْضَ ذَلِكَ التَّسْبِيحِ عَلَّمَهُ، كَمَا قَالَ: {عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} [النمل: ١٦] ، فَهَذَا مِمَّا لَا يَفْقَهُهُ خَلْقُهُ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُعَلِّمَهُ إِنْسَانًا عَلَّمَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute