للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٦٢ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّدَائِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ السُّلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ صُبْحٍ التَّمِيمِيُّ , عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ , عَنْ مَكْحُولٍ , عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُنَا عَلَى بَابِ الْحُجْرَةِ , إِذْ أَقْبَلَ شَيْخٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ , وَهُوَ مَدَرَةُ قَوْمِهِ , وَسَيِّدُهُمْ مِنْ شَيْخٍ كَبِيرٍ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا , فَتَمَثَّلَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا , وَنَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ , فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ , ⦗١٤٢٣⦘ إِنَّى نُبِّئْتُ أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى النَّاسِ بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُوسَى وَعِيسَى وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ , أَلَا وَإِنَّكَ تَفَوَّهْتَ بِعَظِيمٍ , إِنَّمَا كَانَتِ الْخُلَفَاءُ وَالْأَنْبِيَاءُ فِي بَيْتَيْنِ مِنْ بُيُوتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ , فَلَا أَنْتَ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ , وَلَا مِنْ أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ , إِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ , مِمَّنْ كَانَتْ تَعْبُدُ هَذِهِ الْحِجَارَةَ وَالْأَوْثَانَ , فَمَا لَكَ وَلِلنُّبُوَّةِ؟ وَلَكِنْ لِكُلِّ قَوْلٍ حَقِيقَةٌ , فَأَنْبِئْنِي بِحَقِيقَةِ قَوْلِكَ , وَبَدْءِ شَأْنِكَ قَالَ: فَأُعْجِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُسَاءَلَتِهِ وَقَالَ: «يَا أَخَا بَنِي عَامِرٍ , إِنَّ لِلْحَدِيثِ الَّذِي تَسْأَلُ عَنْهُ نَبَأً وَمَجْلِسًا , فَاجْلِسْ» فَثَنَى رِجْلَهُ , ثُمَّ بَرَكَ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ , وَاسْتَقْبَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَدِيثِ , فَقَالَ: " يَا أَخَا بَنِي عَامِرٍ , إِنَّ حَقِيقَةَ قَوْلِي , بَدْءَ شَأْنِي: إِنِّي دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ , وَبَشَّرَ بِي أَخِي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ , وَإِنَّ أُمِّي حَمَلَتْنِي , وَإِنِّي كُنْتُ بِكْرَ أُمِّي , حَمَلَتْنِي كَأَثْقَلِ مَا تَحْمِلُ النِّسَاءُ , حَتَّى جَعَلَتْ تَشْتَكِي إِلَى صَوَاحِبَاتِهَا ثِقَلَ مَا تَجِدُ , ثُمَّ إِنَّ أُمِّي رَأَتْ فِي الْمَنَامِ: أَنَّ الَّذِيَ فِي بَطْنِهَا نُورٌ قَالَتْ: فَجَعَلْتُ أُتْبِعُ النُّورَ بَصَرِي , فَجَعَلَ النُّورُ يَسْبِقُ بَصَرِي , حَتَّى أَضَاءَتْ لِي مَشَارِقُ الْأَرْضِ وَمَغَارِبُهَا , ثُمَّ إِنَّهَا وَلَدَتْنِي فَنَشَأْتُ , فَلَمَّا نَشَأْتُ بُغِّضَتْ إِلَيَّ أَوْثَانُ قُرَيْشٍ , وَبُغِّضَ إِلَيَّ الشِّعْرُ , وَكُنْتُ مُسْتَرْضَعًا فِي بَنِي لَيْثِ بْنِ بَكْرٍ , فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ مُنْتَبِذٌ مِنْ أَهْلِي , مَعَ ⦗١٤٢٤⦘ أَتْرَابٍ لِي مِنَ الصِّبْيَانِ , فِي بَطْنِ وَادٍ , نَتَقَاذَفُ بَيْنَنَا بِالْجُلَّةِ إِذْ أَقْبَلَ إِلَيَّ رَهْطٌ ثَلَاثَةٌ , مَعَهُمْ طَسْتٌ مِنْ ذَهَبٍ مَلْآنُ ثَلْجًا , فَأَخَذُونِي فَانْطَلَقُوا بِي مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِي , وَانْطَلَقَ أَصْحَابِي هِرَابًا , حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى شَفِيرِ الْوَادِي , ثُمَّ أَقْبَلُوا عَلَى الرَّهْطِ , فَقَالُوا: مَا رَابَكُمْ إِلَى هَذَا الْغُلَامِ؟ إِنَّهُ لَيْسَ مِنَّا , هَذَا مِنْ سَيِّدِ قُرَيْشٍ , وَهُوَ مُسْتَرْضَعٌ فِينَا , مِنْ غُلَامٍ يَتِيمٍ , لَيْسَ لَهُ أَبٌ وَلَا أُمٌّ , فَمَاذَا يَرُدُّ عَلَيْكُمْ قَتْلُهُ؟ وَمَاذَا تُصِيبُونَ مِنْ ذَلِكَ؟ إِنْ كُنْتُمْ لَابُدَّ قَاتِلِيهِ فَاخْتَارُوا مِنَّا أَيُّنَا شِئْتُمْ فَلْيَأْتِكُمْ مَكَانَهُ فَاقْتُلُوهُ , وَدَعُوا هَذَا الْغُلَامَ , فَإِنَّهُ يَتِيمٌ , فَلَمَّا رَأَى الصِّبْيَانُ أَنَّ الْقَوْمَ لَا يُحِيرُونَ إِلَيْهِمْ جَوَابًا , انْطَلَقُوا هِرَابَا مُسْرِعِينَ إِلَى الْحَيِّ يُؤْذِنُونَهُمْ وَيَسْتَصْرِخُونَهُمْ عَلَى الْقَوْمِ , فَعَمَدَ أَحَدُهُمْ فَأَضْجَعَنِي عَلَى الْأَرْضِ إِضْجَاعًا لَطِيفًا , ثُمَّ شَقَّ مَا بَيْنَ مَفْرِقِ صَدْرِي إِلَى مُنْتَهَى عَانَتِي , وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ , فَلَمْ أَجِدْ لِذَلِكَ مَسًّا , ثُمَّ أَخْرَجَ أَحْشَاءَ بَطْنِي فَغَسَلَهَا بِذَلِكَ الثَّلْجِ , فَأَنْعَمَ غَسْلَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا مَكَانَهُ , ثُمَّ قَالَ الثَّانِي مِنْهُمْ لِصَاحِبِهِ: تَنَحَّ , فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي جَوْفِي فَأَخْرَجَ قَلْبِي فَصَدَعَهُ , وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ , فَأَخْرَجَ مِنْهُ مُضْغَةً سَوْدَاءَ , فَأَلْقَاهَا , ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا فَإِذَا بِيَدِهِ خَاتَمٌ مِنْ نُورٍ تَحَارُ أَبْصَارُ النَّاظِرِينَ دُونَهُ , فَخَتَمَ بِهِ قَلْبِي , ثُمَّ أَعَادَهُ إِلَى مَكَانِهِ , فَامْتَلَأَ قَلْبِي نُورًا , فَوَجَدْتُ بَرْدَ ذَلِكَ الْخَاتَمِ فِي قَلْبِي دَهْرًا , ثُمَّ قَالَ الثَّالِثُ مِنْهُمْ لِصَاحِبِهِ: تَنَحَّ , فَتَنَحَّى عَنِّي , ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَأَنْهَضَنِي مِنْ مَكَانِي إِنْهَاضًا لَطِيفًا , ثُمَّ أَكَبُّوا عَلَيَّ وَضَمُّونِي إِلَى صُدُورِهِمْ , وَقَبَّلُوا رَأْسِي وَمَا بَيْنَ ⦗١٤٢٥⦘ عَيْنِيَّ , ثُمَّ قَالُوا: يَا حَبِيبُ , لَنْ تُرَاعَ , إِنَّكَ لَوْ تَدْرِي مَا يُرَادُ بِكَ مِنَ الْخَيْرِ لَقَرَّتْ عَيْنُكَ , ثُمَّ قَالَ الْأَوَّلُ الَّذِي شَقَّ بَطْنِي: زِنُوهُ بِعَشَرَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ , فَوَزَنُونِي بِهِمْ فَرَجَحْتُهُمْ , ثُمَّ قَالَ: زِنُوهُ بِمِائَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ , فَوَزَنُونِي , فَرَجَحْتُهُمْ , ثُمَّ قَالَ: زِنُوهُ بِأَلْفٍ مِنْ أُمَّتِهِ , فَوَزَنُونِي , فَرَجَحْتُهُمْ فَقَالَ: دَعُوهُ , فَلَوْ وَزَنْتُمُوهُ بِأُمَّتِهِ كُلِّهَا لَرَجَحَهُمْ , فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ , إِذْ أَنَا بِالْحَيِّ قَدْ جَاءُوا بِحَذَافِيرِهِمْ , وَإِذَا بِأُمِّي وَهَىَ ظِئْرِي أَمَامَ الْحَيِّ تَهْتِفُ بِأَعْلَى صَوْتِهَا وَهِيَ تَقُولُ: يَا ضَعِيفَاهُ , اسْتُضْعِفْتَ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِكَ , وَقُتِلْتَ لِضَعْفِكَ , فَأَكَبُّوا عَلَيَّ وَضَمُّونِي إِلَى صُدُورِهِمْ , وَقَبَّلُوا رَأْسِي , وَمَا بَيْنَ عَيْنَيَّ , وَقَالُوا: حَبَّذَا أَنْتَ مِنْ ضَعِيفٍ , وَمَا أَكْرَمَكَ عَلَى اللَّهِ , ثُمَّ قَالَتْ: يَا وَحِيدَاهُ , فَأَكَبُّوا عَلَيَّ , وَضَمُّونِي إِلَى صُدُورِهِمْ , وَقَالُوا: حَبَّذَا أَنْتَ مِنْ وَحِيدٍ , وَمَا أَنْتَ بِوَحِيدٍ , إِنَّ اللَّهَ مَعَكَ وَمَلَائِكَتَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ , ثُمَّ قَالَتْ ظِئْرِي: يَا يَتِيمَاهُ , فَأَكَبُّوا عَلَيَّ وَضَمُّونِي إِلَى صُدُورِهِمْ , وَقَبَّلُوا رَأْسِي وَمَا بَيْنَ عَيْنِيَّ , وَقَالُوا: حَبَّذَا أَنْتَ مِنْ يَتِيمٍ , مَا أَكْرَمَكَ عَلَى اللَّهِ فَلَمَّا نَظَرَتْ بِي أُمِّي وَهَىَ ظِئْرِي قَالَتْ: يَا بُنَيَّ أَلَا أَرَاكَ حَيًّا بَعْدُ , وَضَمَّتْنِي إِلَى حِجْرِهَا , فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَفِي حِجْرِهَا قَدْ ضَمَّتْنِي إِلَيْهَا , وَإِنَّ يَدِي لَفِي يَدِ بَعْضِهِمْ , وَظَنَنْتُ أَنَّ الْقَوْمَ يُبْصِرُونَهُمْ , فَإِذَا هُمْ لَا يُبْصِرُونَهُمْ , فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: قَدْ أَصَابَ هَذَا الْغُلَامَ طَائِفُ الْجِنِّ , فَاذْهَبُوا بِهِ إِلَى كَاهِنٍ , حَتَّى يَنْظُرَ إِلَيْهِ وَيُدَاوِيهِ ⦗١٤٢٦⦘ فَقُلْتُ: يَا هَنَاهْ , إِنَّى أَجِدُ نَفْسِي سَلِيمَةً وَفُؤَادِي صَحِيحًا لَيْسَ بِي قَلَبَةٌ , فَقَالَ أَبِي: وَهُوَ زَوْجُ ظِئْرِي أَمَا تَرَوْنَ كَلَامَهُ كَلَامَ صَحِيحٍ؟ إِنَّى أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى ابْنِي بَأْسٌ , فَاتَّفَقَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ يَذْهَبُوا بِي إِلَى الْكَاهِنِ , فَاحْتَمَلُونِي , فَذَهَبُوا بِي إِلَيْهِ , فَقَصُّوا عَلَيْهِ قِصَّتِي فَقَالَ: اسْكُتُوا , حَتَّى أَسْأَلَ الْغُلَامَ , فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِأَمْرِهِ مِنْكُمْ , فَسَأَلَنِي فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ قِصَّتِي مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا , فَضَمَّنِي إِلَيْهِ , وَقَالَ: يَا لَلْعَرَبِ , يَا لَلْعَرَبِ , اقْتُلُوا هَذَا الْغُلَامَ وَاقْتُلُونِي مَعَهُ , وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى , لَئِنْ تَرَكْتُمُوهُ وَأَدْرَكَ , لَيُخَالِفَنَّ دِينَكُمْ وَدِينَ آبَائِكُمْ , وَلَيُخَالِفَنَّ أَمْرَكُمْ , وَلَيَأْتِيَنَّكُمْ بِدِينٍ لَمْ تَرَوْا مِثْلَهُ , فَانْتَزَعَتْنِي أُمِّي مِنْ حِجْرِهِ , وَقَالَتْ: أَنْتَ أَعْتَهُ وَأَجَنُّ مِنِ ابْنِي هَذَا , وَلَوْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا يَكُونُ مِنْ قَوْلِكَ مَا أَتَيْتُ بِهِ , فَاطْلُبْ لِنَفْسِكَ مَنْ يَقْتُلُكَ , فَإِنَّا غَيْرُ قَاتِلِي هَذَا الْغُلَامَ , وَاحْتَمَلُونِي وَأَدَّوْنِي إِلَى أَهْلِي , فَأَصْبَحْتُ مَعَرًا كَمَا فُعِلَ بِي , وَأَصْبَحَ أَثَرُ الشَّقِّ مَا بَيْنَ مَفْرِقِ صَدْرِي إِلَى مُنْتَهَى عَانَتِي كَأَنَّهُ الشِّرَاكُ , فَذَلِكَ يَا أَخَا بَنِي عَامِرٍ: حَقِيقَةُ قَوْلِي وَبُدُوءُ شَأْنِي " فَقَالَ الْعَامِرِيُّ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَنَّ أَمْرَكَ لَحَقٌ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

<<  <  ج: ص:  >  >>