للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٢١ - وَحَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ أَيْضًا قَالَ: حَدَّثَنَا مُكْرَمٌ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ قُرَّةَ الْخُزَاعِيُّ ثُمَّ الْكَعْبِيُّ قَالَ يَحْيَى: لَمَّا أَنْ هَتَفَ الْهَاتِفُ بِمَكَّةَ بِمَخْرَجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَمْ يَبْقَ بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِ الْمُشْرِكِينَ , إِلَّا انْتَبَهَ بَهَتْفِ الْهَاتِفِ وَاسْتَيْقَظُوا , فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحُوا اجْتَمَعُوا ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِهِمْ: سَمِعْتُمْ مَا كَانَ الْبَارِحَةَ؟ قَالُوا: نَعَمْ , سَمِعْنَا , قَالُوا: قَدْ بَانَ لَكُمْ مَخْرَجُ صَاحِبِكُمْ عَلَى طَرِيقِ الشَّامِ مِنْ حَيْثِ تَأْتِيكُمُ الْمِيرَةُ عَلَى خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ , بِقُدَيْدٍ وَاطْلُبُوهُ , فَرُدُّوهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَسْتَعِينَ عَلَيْكُمْ بِكِلْبَانِ الْعَرَبِ , فَجَمَعُوا سَرِيَّةً مِنْ خَيْلٍ ضَخْمَةٍ , فَخَرَجَتْ فِي طَلَبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , حَتَّى نَزَلُوا بِأُمِّ مَعْبَدٍ , وَقَدْ أَسْلَمَتْ وَحَسُنَ إِسْلَامُهَا فَسَأَلُوهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَشْفَقَتْ عَلَيْهِ مِنْهُمْ وَتَعَاجَمَتْ وَقَالَتْ: إِنَّكُمْ لَتَسْأَلُونَ عَنْ أَمْرٍ مَا سَمِعْتُ بِهِ قَبْلَ عَامِي هَذَا , وَهِيَ صَادِقَةٌ لَمْ تَسْمَعْهُ إِلَّا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , تُخْبِرُونِي أَنَّ رَجُلًا يُخْبِرُكُمْ بِمَا فِي السَّمَاءِ؟ إِنَّى لَأَسْتَوْحِشُ مِنْكُمْ , وَلَإِنْ لَمْ تَنْصَرِفُوا عَنِّي لَأَصِيحَنَّ فِي قَوْمِي عَلَيْكُمْ , ⦗١٥٠٤⦘ فَانْصَرَفُوا , وَلَمْ يَعْلَمُوا أَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَجَّهَ , وَلَوْ قَضَى اللَّهُ الْكَرِيمُ: أَنْ يَسْأَلُوا الشَّاةَ مَنْ حَلَبَكِ؟ لَقَالَتْ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَلِكَ أَنَّهَا جُعِلَتْ شَاهِدَةً , فَعَمَّى اللَّهُ الْكَرِيمُ عَلَيْهِمْ مُسَاءَلَةَ الشَّاةِ , وَسَأَلُوا أُمَّ مَعْبَدٍ , فَكَتَمَتْهُمْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ: قَدْ حَدَّثَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ ابْنُ صَاعِدٍ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ , عَنْ مُكْرَمٍ وَغَيْرِهِ , مِنْ طَرَفٍ مُخْتَصَرٍ فِي بَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَدْ تَكَلَّمَ أَبُو عُبَيْدٍ , وَغَيْرُهُ فِي غَرِيبِ حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَدٍ , فَأَنَا أَذْكُرُهُ فَإِنَّهُ حَسَنٌ يَزِيدُ النَّاظِرَ فِيهِ عِلْمًا وَمَعْرِفَةً قَوْلُهُ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ: وَكَانَ الْقَوْمُ مُرْمِلِينَ مُشَتِّينَ يَعْنِي مُرْمِلِينَ: قَدْ نَفِدَ زَادُهُمْ وَقَوْلُهُ مُشَتِّينَ: يَعْنِي دَائِبِينَ فِي الشِّتَاءِ وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْجَدْبُ وَضِيقُ الْأَمْرِ عَلَى الْأَعْرَابِ وَقَوْلُهُ فِي الشَّاةِ: فَتَفَاجَّتْ عَلَيْهِ: يَعْنِي فَتَحَتْ مَا بَيْنَ رِجْلَيْهَا لِلْحَلْبِ , ⦗١٥٠٥⦘ وَقَوْلُهُ: دَعَا بِإِنَاءٍ يَرْبِضُ الرَّهْطَ: أَيْ يَرْوِيهِمْ , حَتَّى يَثْقُلُوا فَيَرْبِضُوا وَالرَّهْطُ مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ , وَقَوْلُهُ: فَحَلَبَ فِيهِ ثَجًّا: الثَّجُّ: السَّيَلَانُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا} [النبأ: ١٤] أَيْ سَيَّالًا وَقَوْلُهُ: حَتَّى عَلَاهُ الْبَهَاءُ: تُرِيدُ عَلَا الْإِنَاءَ بَهَاءُ اللَّبَنِ , وَهُوَ وَبِيصُ رَغْوَتِهِ: تُرِيدُ أَنَّهُ مَلَأَهُ , وَقَوْلُهُ: فَسَقَى أَصْحَابَهُ حَتَّى أَرَاضُوا: يَعْنِي حَتَّى رَوَوْا , حَتَّى تَقَعُوا بِالرِّيِّ , وَقَوْلُهُ فِي الْأَعْنُزِ: يَتَشَارَكْنَ هَزْلًا: يَعْنِي قَدْ عَمَّهُنَّ الْهُزَالُ فَلَيْسَ فِيهِنَّ مَنْفَعَةٌ وَلَا ذَاتُ طَرْقٍ وَهُوَ مِنَ الِاشْتِرَاكِ يَعْنِي أَنَّهُنَّ اشْتَرَكْنَ: فَصَارَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَظٌّ , وَقَوْلُهُ: وَالشَّاءُ عَازِبٌ: أَيْ بَعِيدٌ فِي الْمَرْعَى , يُقَالُ عَزَبَ عَنَّا: إِذَا بَعُدَ وَيُقَالُ لِلشَّىْءِ إِذَا انْفَرَدَ: عَزَبَ , ثُمَّ وَصَفَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَوْجِهَا أَبِي مَعْبَدٍ قَالَ: صِفِيهِ لِي , فَقَالَتْ: رَأَيْتُ رَجُلًا ظَاهِرَ الْوَضَاءَةِ , أَبْلَجَ الْوَجْهِ , حَسَنَ الْخَلْقِ , لَمْ تَعِبْهُ نُحْلَةٌ وَلَمْ تُزْرِيهِ صُقْلَةٌ , وَسِيمًا قَسِيمًا , فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ , وَفِي أَشْفَارِهِ غَطَفٌ , وَفِي صَوْتِهِ صَحَلٌ , وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ , وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَاثَةٌ , أَزَجُّ أَقْرَنُ , إِنْ صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ , وَإِنْ ⦗١٥٠٦⦘ تَكَلَّمَ سَمَا وَعَلَاهُ الْبَهَاءُ , أَجْمَلُ النَّاسِ وَأَبْهَاهُ مِنْ بَعِيدٍ , وَأَحْسَنُهُ وَأَحْلَاهُ مِنْ قَرِيبٍ , حُلْوُ الْمَنْطِقِ , لَا نَزْرٌ وَلَا هَذْرٌ , كَأَنَّمَا مَنْطِقَهُ خَرَزَاتُ نَظْمٍ يَنْحَدِرْنَ , رَبْعَةً , لَا بَايِسَ مِنْ طُولٍ , وَلَا تَقْتَحِمْهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ , غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ , فَهُوَ أَنْظَرُ الثَّلَاثَةِ مَنْظَرًا وَأَحْسَنُهُمْ قَدْرًا , لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفُّونَهُ , إِنْ قَالَ أَنْصَتُوا , وَإِذَا أَمَرَ تَبَادَرُوا إِلَى أَمْرِهِ مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ , لَا عَابِسٌ , وَلَا مُعْتَدٍ. قَوْلُهَا: أَبْلَجُ الْوَجْهِ: تُرِيدُ مُشْرِقُ الْوَجْهِ , وَقَوْلُهَا: لَمْ تَعِبْهُ نُحْلَةٌ: وَالنُّحْلَةُ: الدِّقَّةُ , وَقَوْلُهَا: لَمْ تُزْرِيهِ صُقْلَةٌ , وَالصَّقْلُ: أَيْ وَلَا تَأْخُذُ الْخَاصِرَةَ , وَقَوْلُهَا: وَسِيمٌ الْحَسَنُ الْوَضِيءُ: يُقَالُ: وَسِيمٌ بَيِّنُ الْوَسَامَةِ وَعَلَيْهِ مِيسَمُ الْحُسْنِ , وَالْقَسِيمُ: الْحَسَنُ , وَالْقَسَامَةُ: الْحُسْنُ , وَالدَّعَجُ: السَّوَادُ فِي الْعَيْنِ , وَقَوْلُهَا: وَفِي أَشْفَارِهِ عَطَفٌ بِالْعَيْنِ عِنْدَهُمْ أَشْبَهُ وَهُوَ أَنْ تَطُولَ الْأَشْفَارُ ثُمَّ تَنْعَطِفُ إِذَا كَانَ بِالْغَيْنِ كَأَنَّهُ يُقَالُ: غَطَفٌ وَمَنْ قَالَ: بِالْعَيْنِ قَالَ ⦗١٥٠٧⦘: هُوَ فِي الْأُذُنِ وَهُوَ أَنْ يُدْبِرَ إِلَى الرَّأْسِ وَيَنْكَسِرَ طَرَفُهَا , وَقَوْلُهَا: وَفِي صَوْتِهِ صَحَلٌ: تُرِيدُ فِي صَوْتِهِ كَالْبَحَّةِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ حَادًا وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ حَتَّى يَصْحَلَ صَوْتُهُ بِالتَّلْبِيَةِ يَعْنِي بَحَّ صَوْتُهُ , قَالَ الشَّاعِرُ:

[البحر الوافر]

وَقَدْ صَحِلَتْ مِنَ النَّوْحِ الْحُلُوقُ

قَوْلُهَا: فِي عُنُقِهِ سَطَعٌ: أَيْ طُولٌ: يُقَالُ: فِي الْفَرَسِ عُنُقٌ سَطْعَاءُ إِذَا طَالَتْ عُنُقُهَا وَانْتَصَبَتْ وَقَوْلُهَا: أَقْرَنُ: يَعْنِي أَزَجَّ الْحَوَاجِبِ , وَالزَّجَجُ طُولُ الْحَاجِبَيْنِ وَدِقَّتُهُمَا , وَالْقَرْنُ: أَنْ يَطُولَ الْحَاجِبَانِ حَتَّى يَلْتَقِيَ طَرَفَاهُمَا وَيُقَالُ: الْأَبْلَجُ هُوَ أَنْ يَنْقَطِعَ الْحَاجِبَانِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نَقِيًّا , وَقَوْلُهَا إِذَا تَكَلَّمَ سَمَا: تُرِيدُ عَلَا بِرَأْسِهِ أَوْ يَدِهِ , وَقَوْلُهَا فِي وَصْفِ مَنْطِقِهِ: فَصْلٌ , لَا نَزْرَ وَلَا هَذْرَ: أَيْ إِنَّهُ وَسَطٌ , لَيْسَ بِقَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ , ⦗١٥٠٨⦘ وَقَوْلُهَا: مُعْتَدِلُ الْقَامَةِ: كَأَنَّهَا تَقُولُ: مُعْتَدِلُ الْقَامَةِ كَمَا رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ , لَيْسَ بِالْقَصِيرِ , وَلَا بِالطَّوِيلِ , قَوْلُهَا: وَلَا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ: أَيْ لَا تَحْتَقِرُهُ وَلَا تَزْدَرِيهِ , قَوْلُهَا: مَحْفُودٌ: أَيْ مَخْدُودٌ , يُقَالُ: الْحَفَدَةُ: الْأَعْوَانُ يَخْدِمُونَهُ , قَوْلُهَا: مَحْشُودٌ: هُوَ مِنْ قَوْلِكَ: حَشَدْتُ لِفُلَانٍ فِي كَذَا , إِذَا أَرَدْتَ أَنَّكَ اعْتَدَدْتَ لَهُ , وَصَنَعَتْ لَهُ , وَقَوْلُهَا: لَا عَابِسٌ: يَعْنِي: لَا عَابِسُ الْوَجْهِ مِنَ الْعُبُوسِ , وَلَا مُعْتَدٍ: يَعْنِي بِالْمِعْتَدِي الظَّالِمَ , لَيْسَ بِظَالِمٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>