للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٣٠ - حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ زَنْجُوَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , عَنْ مَعْمَرٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي حَدِيثِهِ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: سَعَى رِجَالٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالُوا لَهُ: هَذَا صَاحِبُكَ يَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ أُسْرِيَ بِهِ اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ , ثُمَّ رَجَعَ مِنْ لَيْلَتِهِ , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَوَ قَالَ ذَاكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ , قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَأَنَا أَشْهَدُ إِنْ كَانَ قَالَ ذَاكَ لَقَدْ صَدَقَ , قَالُوا: تُصَدِّقُهُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ الشَّامَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَرَجَعَ قِبَلَ أَنْ يُصْبِحَ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ ⦗١٥٣٩⦘ عَنْهُ: نَعَمْ , أَنَا أُصَدِّقُهُ بِأَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ , أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً فَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الصِّدِّيقَ " قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ: مَنْ مَيَّزَ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرِي لَهُ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَسْرَى بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِلَيْهِ بِجَسَدِهِ وَعَقْلِهِ , لَا أَنَّ الْإِسْرَاءَ كَانَ مَنَامًا وَذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَوْ قَالَ: وَهُوَ بِالْمَشْرِقِ رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ فِي النَّوْمِ كَأَنِّي بِالْمَغْرِبِ لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَلَمْ يُعَارَضْ وَإِذَا قَالَ: كُنْتُ لَيْلَتِي بِالْمَغْرِبِ , لَكَانَ قَوْلُهُ كَذِبًا , وَكَانَ قَدْ تَقَوَّلَ بِعَظِيمٍ إِذَا كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ الْبَلَدِ غَيْرَ وَاصِلٍ إِلَيْهِ فِي لَيْلَتِهِ لَا خِلَافَ فِي هَذَا , فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ قَالَ: لِأَبِي جَهْلٍ وَلِسَائِرِ قَوْمِهِ: " رَأَيْتُ فِيَ الْمَنَامِ كَأَنِّي بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ عَلَى وَجْهِ الْمَنَامِ لَقَبِلُوا مِنْهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَتَعَجَّبُوا مِنْ قَوْلِهِ وَلَقَالُوا لَهُ: صَدَقْتَ وَذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَرَى فِي النَّوْمِ كَأَنَّهُ فِي أَبْعَدِ مِمَّا أَخْبَرْتَنَا وَلَكِنَّهُ لَمَّا قَالَ لَهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُسْرِيَ بِيَ اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ» كَانَ خِلَافًا لِلْمَنَامِ عِنْدَ الْقَوْمِ وَكَانَ هَذَا فِي الْيَقَظَةِ بِجَسَدِهِ وَعَقْلِهِ , فَقَالُوا لَهُ: فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ ذَهَبْتَ إِلَى الشَّامِ وَأَصْبَحْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا؟ ثُمَّ قَوْلُهُمْ: لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هَذَا صَاحِبُكَ يَزْعُمُ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ رَجَعَ مِنْ لَيْلَتِهِ وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَهُمْ وَمَا رَدَّ عَلَيْهِمْ , كُلُّ هَذَا دَلِيلٌ لِمَنْ عَقَلَ وَمَيَّزَ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَصَّ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ أَسْرَى بِهِ بِجَسَدِهِ وَعَقْلِهِ ⦗١٥٤٠⦘ وَشَاهَدَ جَمِيعَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ , وَدُخُولُهُ الْجَنَّةَ , وَجَمِيعُ مَا رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَفَرَضَ عَلَيْهِ الصَّلَاةَ كُلُّ ذَلِكَ لَا يُقَالُ مَنَامٌ بَلْ بِجَسَدِهِ وَعَقْلِهِ , وَفَضْلَةٌ خَصَّهُ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِهَا , فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَنَامٌ , فَقَدْ أَخْطَأَ فِي قَوْلِهِ وَقَصَّرَ فِي حَقِّ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَرَدَّ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ وَتَعَرَّضَ لَعَظِيمٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>