للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧٠٦ - وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ عَوْفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ , عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ وَاثِلَةَ , عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَنَزَلَ غَدِيرَ خَمٍّ , وَأَمَرَ بِدَوْحَاتٍ فَقُمِمْنَ , ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: «كَأَنِّي قَدْ دُعِيتُ فَأَجَبْتُ , وَإِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ , أَحَدُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي , انْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونَنِي فِيهِمَا , إِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ» ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَوْلَايَ , وَأَنَا مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ» ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ⦗٢٢٢٢⦘ فَقَالَ: «مَنْ كُنْتُ وَلِيُّهُ فَهَذَا وَلِيُّهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» قَالَ: فَقُلْتُ لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: مَا كَانَ فِي الدَّوْحَاتِ أَحَدٌ إِلَّا قَدْ رَآهُ بِعَيْنِهِ وَسَمِعَهُ بِأُذُنِهِ قَالَ الْأَعْمَشُ: وَحَدَّثَنَا عَطِيَّةُ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: فَيَدُلُ عَلَى أَنَّ خُطْبَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى , وَأَمَرَ أُمَّتَهُ بِالتَّمَسُّكِ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبِسُنَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَفِي رِجُوعِهِ مِنْ هَذِهِ الْحِجَّةِ بِغَدِيرِ خَمٍّ فَأَمَرَ أُمَّتَهَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَالتَّمَسُّكِ بِهِ وَبِمَحَبَّةِ أَهْلِ بَيْتِهِ , وَبِمُوَالَاةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَتَعْرِيفِ النَّاسِ شَرَفَ عَلِيٍّ وَفَضْلِهِ عِنْدَهُ , يَدُلُّ الْعُقَلَاءَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَبِسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّنَ , وَبِمَحَبَّتِهِمْ وَبِمَحَبَّةِ أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ , وَالتَّعَلُّقِ بِمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْأَخْلَاقِ الشَّرِيفَةِ , وَالِاقْتِدَاءِ بِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , فَمَنْ كَانَ هَكَذَا , فَهُوَ عَلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ , أَلَا تَرَى أَنَّ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ السُّلَمِيَّ قَالَ: وَعَظَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً , ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ , وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ , فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ , فَمَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ , وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ , وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا , فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي سَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا , فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي , وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ ⦗٢٢٢٣⦘ الْمَهْدِيِّينَ , عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ , وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ , فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ , وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ فَهُمْ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , فَمَنْ كَانَ لَهُمْ مُحِبًّا رَاضِيًا بِخِلَافَتِهِمْ , مُتَّبِعًا لَهُمْ , فَهُوَ مُتَّبِعٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَلِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمَنْ أَحَبَّ أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّيِّبِينَ , وَتَوَلَّاهُمْ وَتَعَلَّقَ بِأَخْلَاقِهِمْ , وَتَأَدَّبَ بِأَدَبِهِمْ , فَهُوَ عَلَى الْمَحَجَّةِ الْوَاضِحَةِ , وَالطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ وَالْأَمْرِ الرَّشِيدِ , وَيُرْجَى لَهُ النَّجَاةَ , كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِثْلُ أَهْلِ بَيْتِي مِثْلُ سَفِينَةِ نُوحٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ , مَنْ رَكِبَهَا نَجَا , وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا هَلَكَ» فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا تَقُولُ فِيمَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ مُحِبٌّ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ , مُتَخَلِّفٌ عَنْ مَحَبَّةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , وَعَنْ مَحَبَّةِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , غَيْرُ رَاضِي بِخِلَافَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ؟ هَلْ تَنْفَعُهُ مَحَبَّةُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ؟ قِيلَ لَهُ: مُعَاذَ اللَّهِ , هَذِهِ صِفَةُ مُنَافِقٍ , لَيْسَتْ بِصِفَةِ مُؤْمِنٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَا يَحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ , وَلَا يُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ» وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ آذَى عَلِيًّا فَقَدْ آذَانِي» وَشَهِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْخِلَافَةِ وَشَهِدَ لَهُ بِالْجَنَّةِ , وَبِأَنَّهُ شَهِيدٌ , وَأَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُحِبٌّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحِبَّانِ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَمِيعُ مَا شَهِدَ لَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْفَضَائِلِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهَا ⦗٢٢٢٤⦘ وَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَحَبَّتِهِ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ , فَمَنْ لَمْ يُحِبَّ هَؤُلَاءِ وَيَتَوَلَّهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ , وَقَدْ بَرِئَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , وَكَذَا مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَتَوَلَّى عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَيُحِبُّ أَهْلَ بَيْتِهِ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ لَا يَرْضَى بِخِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَلَا عُثْمَانَ وَلَا يُحِبُّهُمْ وَيَبْرَأُ مِنْهُمْ , وَيَطْعَنُ عَلَيْهِمْ , فَنَشْهَدُ بِاللَّهِ يَقِينًا أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بَرَآءٌ مِنْهُ لَا تَنْفَعُهُ مَحَبَّتُهُمْ حَتَّى يُحِبَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , كَمَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَا وَصَفَّهُمْ بِهِ , وَذَكَرَ فَضْلَهُمْ , وَتَبْرَّأَ مِمَّنْ لَمْ يُحِبَّهُمْ , فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَعَنْ ذُرِّيَّتِهِ الطَّيِّبَةِ , هَذَا طَرِيقُ الْعُقَلَاءِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِمَّنْ يَقْذِفُ أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالطَّعْنِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , لَقَدِ افْتَرَى عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ وَقَذَفَهُمْ بِمَا قَدْ صَانَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ وَهَلْ عَرَفْتُ أَكْثَرَ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ , إِلَّا مِمَّا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>