٥٦٧ - وَحَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ قَالَ: نا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: أنا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا شَرِيكٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ} [ص: ٤٥] قَالَ: الْأَيْدِي: الْقُوَّةُ فِي الْعَمَلِ، وَالْأَبْصَارُ: بَصَرُهُمْ مَا ⦗٩٧٠⦘ هُمْ فِيهِ مِنْ دِينِهِمْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: فَإِنِ اعْتَرَضَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّةِ بِتَأْوِيلِهِ الْخَطَأَ، فَقَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ، وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: ٧٩] فَيَزْعُمُ أَنَّ السَّيِّئَةَ مِنْ نَفْسِهِ، دُونَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى قَضَاهَا وَقَدَّرَهَا عَلَيْهِ، قِيلَ لَهُ: يَا جَاهِلُ، إِنَّ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ هُوَ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِهَا مِنْكَ، وَهُوَ الَّذِي بَيَّنَ لَنَا جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ مِنْ إِثْبَاتِ الْقَدَرِ، وَكَذَلِكَ الصَّحَابَةُ الَّذِينَ شَاهَدُوا التَّنْزِيلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، هُمُ الَّذِينَ بَيَّنُوا لَنَا وَلَكَ إِثْبَاتَ الْمَقَادِيرِ بِكُلِّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَقِيلَ: لَوْ عَقَلْتَ تَأْوِيلَهَا لَمْ تُعَارِضْ بِهَا، وَلَعَلِمْتَ أَنَّ الْحُجَّةَ عَلَيْكَ لَا لَكَ فَإِنْ قَالَ: كَيْفَ؟ قِيلَ لَهُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: ٧٩] أَلَيْسَ اللَّهُ تَعَالَى أَصَابَهُ بِهَا: خَيْرًا كَانَ أَوْ شَرًّا؟ فَاعْقِلْ يَا جَاهِلُ، أَلَيْسَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ} [يوسف: ٥٦] وَقَالَ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوَ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} [الأعراف: ١٠٠] وَقَالَ تَعَالَى {مَا ⦗٩٧١⦘ أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا، إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: ٢٢] وَهَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخْبِرُنَا أَنَّ كُلَّ مُصِيبَةٍ تَكُونُ بِالْعِبَادِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ فَاللَّهُ يُصِيبُهُمْ بِهَا، وَقَدْ كَتَبَ مُصَابَهُمْ فِي عِلْمٍ قَدْ سَبَقَ، وَجَرَى بِهِ الْقَلَمُ عَلَى حَسْبِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ، فَاعْقِلُوهُ يَا مُسْلِمُونَ فَإِنَّ الْقَدَرِيَّ مَحْرُومٌ مِنَ التَّوْفِيقِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا الْقَدَرِيُّ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَنَا كَتَبْتُهَا عَلَيْكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute