أنا أَبُو بَكْرٍ الْبُرْقَانِيُّ , قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ , حَدَّثَكُمُ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَبَّانِيُّ , نَا أَبُو الْأَشْعَثِ , نَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ , نَا حُمَيْدٌ , قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَوْمِهِ , فَقَالَ: " كَانَ يَصُومُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَقُولَ: لَا يُرِيدُ أَنْ يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا ⦗٢١٦⦘ وَيُفْطِرَ حَتَّى نَقُولَ: لَا يُرِيدُ أَنْ يَصُومَ مِنْهُ شَيْئًا , وَمَا كُنَّا نَشَاءُ أَنْ نَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلَّا رَأَيْنَاهُ , وَلَا نَائِمًا إِلَّا رَأَيْنَاهُ " قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: إِنَّ لِهَذِهِ الْقُلُوبِ تَنَافُرًا كَتَنَافُرِ الْوَحْشِ , فَأْلَفُوهَا بِالِاقْتِصَادِ فِي التَّعْلِيمِ , وَالتَّوَسُّطِ فِي التَّقْوِيمِ , لِتَحْسُنَ طَاعَتُهَا , وَيَدُومَ نَشَاطُهَا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُمْرِجَ نَفْسَهُ فِيمَا يَسْتَفْرِغُ مَجْهُودَهُ , وَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَتَعَلَّمَ فِي يَوْمٍ ضِعْفَ مَا يَحْتَمِلُ أَضَرَّ بِهِ فِي الْعَاقِبَةِ , لِأَنَّهُ إِذَا تَعَلَّمَ الْكَثِيرَ الَّذِي لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِ , وَإِنْ تَهَيَّأَ لَهُ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ أَنْ يَضْبِطَهُ , وَظَنَّ أَنَّهُ يَحْفَظُهُ , فَإِنَّهُ إِذَا عَادَ مِنْ غَدٍ وَتَعَلَّمَ نَسِيَ مَا كَانَ تَعَلَّمَهُ أَوَّلًا , وَثَقُلَتْ عَلَيْهِ إِعَادَتُهُ , وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ حَمَلَ فِي يَوْمِهِ مَا لَا يُطِيقُهُ فَأَثَّرَ ذَلِكَ فِي جِسْمِهِ ثُمَّ عَادَ مِنْ غَدٍ , فَحَمَلَ مَا يُطِيقُهُ فَأَثَّرَ ذَلِكَ فِي جِسْمِهِ , وَكَذَلِكَ إِذَا فَعَلَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ , وَيُصِيبُهُ الْمَرَضُ وَهُوَ لَا يُشْعِرُ وَيَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ: أَنَّ الرَّجُلَ يَأْكُلُ مِنَ الطَّعَامِ مَا يَرَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ فِي يَوْمِهِ مِمَّا يَزِيدُ فِيهِ عَلَى قَدْرِ عَادَتِهِ , فَيَعْقُبُهُ ذَلِكَ ضَعْفًا فِي مَعِدَتِهِ , فَإِذَا أَكَلَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي قَدْرَ مَا كَانَ يَأْكُلُهُ أَعْقَبَهُ لِبَاقِي الطَّعَامِ الْمُتَقَدِّمِ فِي مَعِدَتِهِ تُخْمَةً ⦗٢١٧⦘ فَيَنْبَغِي لِلْمُتَعَلِّمِ أَنْ يُشْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ تَحْمِيلِهَا فَوْقَ طَاقَتِهَا , وَيَقْتَصِرَ مِنَ التَّعْلِيمِ عَلَى مَا يُبْقِي عَلَيْهِ حِفْظُهُ , وَيَثْبُتُ فِي قَلْبِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute