فَصْلٌ وَأَمَّا السُّؤَالُ الرَّابِعُ: وَهُوَ السُّؤَالُ عَلَى سَبِيلِ الِاعْتِرَاضِ وَالْقَدْحِ فِي الدَّلِيلِ , فَإِنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ الدَّلِيلِ: فَإِنْ كَانَ دَلِيلُهُ مِنَ الْقُرْآنِ كَانَ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يُنَازِعَهُ فِي كَوْنِهِ مُحْكَمًا , وَيَدَّعِي أَنَّهُ مَنْسُوخٌ مِثَالُهُ: أَنْ يَحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ , بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: ٤] فَيَدَّعِي خَصْمُهُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥] فَيَقُولُ الْمَسْئُولُ إِذَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا , لَمْ يَجُزْ حَمْلُهُ عَلَى النَّسْخِ وَالثَّانِي: أَنْ يُنَازِعَهُ فِي مُقْتَضَى لَفْظِهِ مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يَحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى وُجُوبِ الْإِيتَاءِ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ , بِقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: ٣٣] فَيَقُولُ الْمُخَالِفُ: إِنَّهُ إِيتَاءٌ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ دُونَ مَالِ الْكِتَابَةِ , فَيَقُولُ الْمَسْئُولُ: هُوَ خِطَابٌ لِلسَّادَاتِ , لِأَنَّهُ قَالَ: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: ٣٣] فَلَا يَصْلُحُ لِإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالثَّالِثُ أَنْ يُعَارِضَهُ بِغَيْرِهِ , فَيَحْتَاجُ أَنْ يُجِيبَ عَنْهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعَارِضُهُ أَوْ يُرَجِّحُ دَلِيلَهُ عَلَى مَا عَارَضَهُ بِهِ مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يَحْتَجَّ عَلَى تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ بِمِلْكِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute