فَصْلٌ وَإِنْ كَانَ دَلِيلُهُ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ هُوَ الْقِيَاسُ , فَإِنَّ الِاعْتِرَاضَ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لِنَصِّ الْقُرْآنِ , أَوْ نَصِّ السُّنَّةِ , أَوِ الْإِجْمَاعِ , وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ , فَإِنَّهُ قِيَاسٌ غَيْرُ صَحِيحٍ , لِأَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ أَقْوَى مِنَ الْقِيَاسِ , وَأَوْلَى مِنْهُ , فَوَجَبَ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ، وَمِنْهَا: أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ مُنْضَوِيَةً لِمَا لَا يَثْبُتُ بِالْقِيَاسِ , كَأَقَلِّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرِهِ , فَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى فَسَادِهَا وَمِنْهَا: إِنْكَارُ الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ وَفِي الْفَرْعِ , مِثْلَ قَوْلِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ: إِذَا لَمْ يَصُمِ الْمُتَمَتِّعُ فِي الْحَجِّ سَقَطَ الصَّوْمُ , لِأَنَّهُ بَدَلٌ مُؤَقَّتٌ , فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ بِفَوَاتِ وَقْتِهِ , أَصْلُ ذَلِكَ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَعِلَّةُ الْأَصْلِ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ , لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَيْسَتْ بِبَدَلٍ عَنِ الظُّهْرِ , وَإِنَّمَا الظُّهْرُ بَدَلٌ عَنِ الْجُمُعَةِ , وَكَذَلِكَ عِلَّةُ الْفَرْعِ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ , لِأَنَّ صَوْمَ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ فِي الْحَجِّ بَدَلٌ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ , لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ فِي الْحَجِّ دُونَ الزَّمَانِ , وَالْمُؤَقَّتُ مَا خُصَّ فِعْلُهُ بِوَقْتٍ بِعَيْنِهِ , وَمِنْهَا: أَنْ يُعَارِضَ النُّطْقَ بِالنُّطْقِ مِثْلَ أَنْ يَحْتَجَّ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: ٢٣] فَيُعَارِضُهُ الْمُخَالِفُ بِقَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute