أنا أَبُو بَكْرٍ الْبُرْقَانِيُّ , نا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ - لَفْظًا - أنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ , نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ الْأَشْعَرِيُّ , قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ , وَأَخْبَرَنِي أَبُو يَعْلَى يَعْنِي الْمَوْصِلِيَّ , نا أَبُو كُرَيْبٍ , قَالَ: وَأَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا , نا أَبُو كُرَيْبٍ , وإِبْرَاهِيمُ الْجَوْهَرِيُّ , ويُوسُفُ الْمَسْرُوقِيُّ , وقَاسِمُ بْنُ دِينَارٍ , قَالُوا: نا أَبُو أُسَامَةَ , عَنْ يَزِيدَ , عَنْ أَبِي بُرْدَةَ , عَنْ أَبِي مُوسَى , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ مَثَلَ مَا آتَانِي اللَّهُ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ , كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا كَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبَةٌ , قَبِلَتِ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتِ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ , وَكَانَتْ مِنْهَا» - قَالَ الْحَسَنُ: «- أَجَادِبُ -» وَلَمْ يَضْبِطْ أَبُو يَعْلَى وَالْقَاسِمُ هَذَا الْحَرْفَ - «أَمْسَكَتِ الْمَاءَ , فَنَفَعَ اللَّهُ بِهِ النَّاسَ , فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا , وَطَائِفَةٌ أُخْرَى , إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً فَذَلِكَ مِثْلُ مَنْ فَقِهَ فِي دِينِ اللَّهِ , وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَمِلَ» - كَذَا قَالَ أَبُو يَعْلَى وَحْدَهُ - «وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا , وَلَمْ يَقْبَلْ هَدْيَ اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ» , وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: «وَأَحَادِبُ» , وَقَالَ الْحَسَنُ ⦗١٨٠⦘ وَالْقَاسِمُ: «فَعَلِمَ وَعَلَّمَ» قَدْ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَرَاتِبَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَفَقِّهِينَ , مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشُذَّ مِنْهَا شَيْءٍ , فَالْأَرْضُ الطَّيِّبَةُ هِيَ مِثْلُ الْفَقِيهِ الضابطِ لِمَا رَوَى , الْفَهِمُ لِلْمَعَانِي , الْمُحْسِنُ لَرَدَّ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ إِلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْأَجَادِبُ الْمُمْسِكَةُ لِلْمَاءِ الَّتِي يَسْتَقِي مِنْهَا النَّاسُ , هِيَ مِثْلُ الطَّائِفَةِ الَّتِي حَفِظَتْ مَا سَمِعَتْ فَقَطْ , وَضَبَطَتْهُ وَأَمْسَكَتْهُ , حَتَّى أَدَّتْهُ إِلَى غَيْرِهَا مَحْفُوظًا غَيْرَ مُغَيَّرٍ , دُونَ أَنْ يَكُونَ لَهَا فِقْهٌ تَتَصَرَّفُ فِيهِ , وَلَا فَهْمٌ بِالرَّدِّ الْمَذْكُورِ وَكَيْفِيَّتِهِ , لَكِنْ نَفَعَ اللَّهُ بِهَا فِي التَّبْلِيغِ , فَبَلَغَتْ إِلَى مَنْ لَعَلَّهُ أَوْعَى مِنْهَا , كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ , وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ وَمَنْ لَمْ يَحْفَظْ مَا سَمِعَ , وَلَا ضَبَطَ , فَلَيْسَ مِثْلَ الْأَرْضِ الطَّيِّبَةِ , وَلَا مِثْلَ الْأَجَادِبِ , بَلْ هُوَ مَحْرُومٌ , وَمِثْلُهُ مِثْلَ الْقِيعَانِ , الَّتِي لَا تَنْبُتُ ⦗١٨١⦘ كَلَأً , وَلَا تُمْسِكُ مَاءً , وَقَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩] , وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى} [الرعد: ١٩] , وَشَبَّهَ التَّارِكَ لِلْعِلْمِ , رَغْبَةً عَنْهُ وَاسْتِهَانَةً بِهِ وَتَكْذِيبًا لَهُ بِالْكَلْبِ , فَقَالَ تَعَالَى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} [الأعراف: ١٧٥] إِلَى أَنْ قَالَ: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ} [الأعراف: ١٧٦] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ