حَمْلُهُ عَلَى أَظْهَرِهِمَا , وَلَا يَجُوزُ صَرْفُهُ عَنْهُ إِلَّا بِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ , فَكُلُّ عُمُومٍ ظَاهِرٌ , وَلَيْسَ كُلُّ ظَاهِرٍ عُمُومًا وَأَمَّا الضَّرْبُ الَّذِي يُفِيدُ بِمَفْهُومِهِ فَهُوَ: فَحْوَى الْخِطَابِ , وَلَحْنُ الْخِطَابِ , وَدَلِيلُ الْخِطَابِ فَفَحَوْى الْخِطَابِ: مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ مِنْ جِهَةِ التَّنْبِيهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: ٢٣] , فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى النَّهْيِ عَنْ ضَرْبِهِمَا وَسَبِّهِمَا , لِأَنَّ الضَّرْبَ وَالسَّبَّ أَعْظَمُ مِنَ التَّأْفِيفِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} [آل عمران: ٧٥] , فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ يُؤَدِّي مَا كَانَ دُونَ الْقِنْطَارِ , فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ نَبَّهَ بِالْأَعْلَى عَلَى الْأَدْنَى , وَفِي الْآيَةِ الْأُولَى نَبَّهَ بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: أَنَّ فَحْوَى الْخِطَابِ اشْتُقَّ مِنْ تَسْمِيَتِهِمُ الْأَبْزَارَ فَحًّا , يُقَالُ: فَحَّ قِدْرُكَ يَا هَذَا , فَسُمِّيَ فَحْوَى لِأَنَّهُ: يُظْهِرُ اللَّفْظَ كَمَا يُظْهِرُ الْأَبْزَارُ طَعْمَ الطَّبِيخِ وَرَائِحَتَهُ وَأَمَّا لَحْنُ الْخِطَابِ فَهُوَ: مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ مِنَ الضَّمِيرِ الَّذِي لَا يَتِمُّ الْكَلَامُ إِلَّا بِهِ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} [البقرة: ٦٠] وَمَعْنَاهُ: فَضَرَبَ فَانْفَجَرَتْ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا: حَذْفُ الْمُضَافِ , وَإِقَامَةُ الْمُضَافِ إِلَيْهِ مَقَامَهُ: كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢] وَمَعْنَاهُ: اسْأَلْ أَهْلَ الْقَرْيَةِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ هَذَا , كَالْمَنْطُوقِ بِهِ فِي الْإِفَادَةِ وَالْبَيَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute