أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْخَزَّازُ , أنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَيْفِ بْنِ سَعِيدٍ السِّجِسْتَانِيُّ , أنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ , قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ ⦗٢٨٤⦘: " فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَأَيْنَ الدَّلَالَةُ عَلَى قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قِيلَ لَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ: كَانَ النَّاسُ مُسْتَقْبِلِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ , ثُمَّ حَوَّلَهُمُ اللَّهُ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ , فَأَتَى أَهْلُ قُبَاءَ آتٍ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ , فَأَخْبَرَهُمْ: أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عَلَى رَسُولِهِ كِتَابًا , وَأَنَّ الْقِبْلَةَ حُوِّلَتْ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ , فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ وَجَمَاعَةً كَانُوا يَشْرَبُونَ الشَّرَابَ فَضِيخَ بُسْرٍ , وَلَمْ يُحَرَّمْ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْأَشْرِبَةِ شَيْءٌ , فَأَتَاهُمْ آتٍ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ فَأَمَرُوا أُنَاسًا فَكَسَّرُوا جِرَارَ شَرَابِهِمْ ذَلِكَ , وَلَا أَشُكُّ أَنَّهُمْ لَا يُحَدِّثُونَ مِثْلَ هَذَا إِلَّا ذَكَرُوهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِنْ شَاءَ اللَّهُ , وَيُشْبِهُ أَنْ لَوْ كَانَ قَبُولُ خَبَرِ مَنْ أَخْبَرَهُمْ وَهُوَ صَادِقٌ عِنْدَهُمْ , مِمَّا لَا يَجُوزُ لَهُمْ قَبُولُهُ , أَنْ يَقُولَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ كُنْتُمْ عَلَى قِبْلَةٍ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ أَنْ تَتَحَوَّلُوا عَنْهَا إِذْ كُنْتَ حَاضِرًا مَعَكُمْ حَتَّى أُعْلِمَكُمْ أَوْ يُعْلِمَكُمْ جَمَاعَةٌ أَوْ عَدَدٌ يُسَمِّيهِمْ لَهُمْ , وَيُخْبِرُهُمْ أَنَّ الْحِجَّةَ تَقُومُ عَلَيْهِمْ بِمِثْلِهَا , لَا بِأَقَلَّ مِنْهَا , إِنْ كَانَتْ لَا تَثْبُتُ عِنْدَهُ بِوَاحِدٍ , وَالْفَسَادُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَا عِنْدَ عَالِمٍ , وَهِرَاقَهُ حَلَالٍ فَسَادٌ , وَلَوْ لَمْ تَكُنِ الْحُجَّةُ أَيْضًا تَقُومُ عَلَيْهِمْ بِخَبَرِ مَنْ أَخْبَرَهُمْ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ لَأَشْبَهَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: قَدْ كَانَ لَكُمْ حَلَالًا , وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْكُمْ إِفْسَادُهُ حَتَّى أُعْلِمَكُمْ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُ أَوْ ⦗٢٨٥⦘ يَأْتِيَكُمْ عَدَدٌ يَحُدُّهُمْ لَهُمْ بِخَبَرٍ عَنِّي بِتَحْرِيمِهِ وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ سَلَمَةَ أَنْ تُعَلِّمَ امْرَأَةً أَنْ تُعَلِّمَ زَوْجَهَا إِنْ قَبَّلَهَا وَهُوَ صَائِمٌ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَرَ الْحُجَّةَ تَقُومُ عَلَيْهِ بِخَبَرِهَا , إِذَا صَدَّقَهَا لَمْ يَأْمُرْهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِهِ وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنَيْسًا الْأَسْلَمِيَّ أَنْ يَغْدُوَ عَلَى امْرَأَةِ رَجُلٍ , فَإِنِ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا , فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا , وَفِي ذَلِكَ إِمَاتَةُ نَفْسِهَا بِاعْتِرَافِهَا عِنْدَ أُنَيْسٍ , وَهُوَ وَاحِدٌ وَأَمَرَ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ , أَنْ يَقْتُلَ أَبَا سُفْيَانَ , وَقَدْ سَنَّ عَلَيْهِ إِنْ عَلِمَهُ أَسْلَمَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ قَتْلُهُ , وَقَدْ يُحْدِثُ الْإِسْلَامَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ وَأَمَرَ أُنَيْسًا أَوْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ , أَنْ يَقْتُلَ خَالِدَ بْنَ سُفْيَانَ الْهُذَلِيَّ فَقَتَلَهُ وَمِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَسْلَمَ أَنْ لَا يَقْتُلَهُ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ فِي مَعَانِي وُلَاتِهِ , وَهُمْ وَاحِدٌ وَاحِدٌ يُمْضُونَ الْحُكْمَ بِأَخْبَارِهِمْ " قَالَ الشَّافِعِيُّ ⦗٢٨٦⦘: " وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِعُمَّالِهِ وَاحِدًا وَاحِدًا , وَرُسُلِهِ وَاحِدًا وَاحِدًا , وَإِنَّمَا بَعَثَ بِعُمَّالِهِ لِيَخْبُرُوا النَّاسَ بِمَا أَخْبَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَرَائِعِ دِينِهِمْ , وَيَأْخُذُوا مِنْهُمْ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ , وَيُعْطُوهُمْ مَا لَهُمْ , وَيُقِيمُوا عَلَيْهِمُ الْحُدُودَ , وَيُنَفِّذُوا فِيهِمُ الْأَحْكَامَ , وَلَمْ يَبْعَثْ مِنْهُمْ وَاحِدًا إِلَّا مَشْهُورًا بِالصِّدْقِ عِنْدَ مَنْ بَعَثَهُ إِلَيْهِ , وَلَوْ لَمْ تَقُمِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ بِهِمْ - إِذْ كَانُوا فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ وَجَّهَهُمْ إِلَيْهِمْ أَهْلَ صِدْقٍ عِنْدَهُمْ - مَا بَعَثَهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ , وَبَعَثَ أَبَا بَكْرٍ وَالِيًا عَلَى الْحَجِّ وَكَانَ فِي مَعْنَى عُمَّالِهِ , ثُمَّ بَعَثَ عَلِيًّا بَعْدَهُ , بِأَوَّلِ سُورَةِ بَرَاءَةٍ , فَقَرَأَهَا فِي مَجْمَعِ النَّاسِ فِي الْمَوْسِمِ , وَأَبُو بَكْرٍ وَاحِدٌ , وَعَلِيٌّ وَاحِدٌ , وَكِلَاهُمَا بَعَثَهُ بِغَيْرِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ صَاحِبَهُ , وَلَمْ تَكُنِ الْحُجَّةُ تَقُومُ عَلَيْهِمْ بِبَعْثَتِهِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا - إِذْ كَانَا مَشْهُورَيْنِ عِنْدَ عَوَامِّهِمْ بِالصِّدْقِ , وَكَانَ مَنْ جَهِلَهُمَا مِنْ عَوَامِّهِمْ وَجَدَ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ أَصْحَابٍ يُعْرَفُ صِدْقُهُمَا - مَا بَعَثَ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَقَدْ بَعَثَ عَلِيًّا بِعَظِيمٍ , نَقْضِ مُدَدٍ وَإِعْطَاءِ مُدَدٍ , وَنَبْذٍ إِلَى قَوْمٍ , وَنَهْيٍ عَنْ أُمُورٍ وَأَمْرٍ بِأُخْرَى , وَمَا كَانَ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَلَّغَهُ عَلِيٌّ: أَنَّ لَهُ مُدَّةَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَنْ يَعْرِضَ لَهُمْ فِي مُدَّتِهِمْ , وَلَا مَأْمُورَ بِشَيْءٍ وَلَا مَنْهِيَّ عَنْهُ بِرِسَالَةِ عَلِيٍّ أَنْ يَقُولَ لَهُ: أَنْتَ وَاحِدٌ , وَلَا تَقُومُ عَلَيَّ الْحُجَّةُ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَكَ إِلَيَّ بِنَقْضِ شَيْءٍ جَعَلَهُ لِي , وَلَا بِإِحْدَاثِ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ لِي وَلَا لِغَيْرِي , وَلَا بِنَهْيٍ عَنْ أَمْرٍ , لَمْ أَعْلَمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ , وَلَا بِإِحْدَاثِ أَمْرٍ أَعْلَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْدَثَهُ , وَمَا يَجُوزُ هَذَا لِأَحَدٍ فِي شَيْءٍ قَطَعَهُ عَلَيْهِ عَلِيٌّ بِرِسَالَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَا أَعْطَاهُ ⦗٢٨٧⦘ إِيَّاهُ , وَلَا أَمَرَهُ بِهِ وَلَا نَهَاهُ عَنْهُ , بِأَنْ يَقُولَ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَوْ لَمْ يَنْقِلْهُ إِلَيْهِ عَدَدٌ , فَلَا أَقْبَلُ فِيهِ خَبَرَكَ وَأَنْتَ وَاحِدٌ , وَلَا كَانَ لِأَحَدٍ وَجَّهَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِلًا يَعْرِفُهُ أَوْ يُعَرِّفُهُ لَهُ مَنْ يُصَدِّقُهُ فَصَدَّقَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْعَامِلُ: عَلَيْكَ أَنْ تُعْطِيَ كَذَا أَوْ تَفْعَلَ كَذَا , أَوْ يُفْعَلَ بِكَ كَذَا , فَيَقُولُ: لَا أَقْبَلُ هَذَا مِنْكَ لِأَنَّكَ وَاحِدٌ حَتَّى أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَا عَنْ خَبَرِكَ , وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ تَغْلَطَ , أَوْ يُحَدِّثُنِيهِ عَامَّةٌ يَشْتَرِطُ فِي عَدَدِهِمْ وَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَشَهَادَتَهِمْ مَعًا أَوْ مُتَفَرِّقِينَ , ثُمَّ لَا يَذْكُرُ أَحَدٌ مِنْ خَبَرِ الْعَامَّةِ عَدَدًا أَبَدًا إِلَّا وَفِي الْعَامَّةِ عَدَدٌ أَكْثَرُ مِنْهُ , وَلَا مِنَ اجْتِمَاعِهِمْ حِينَ يُخْبِرُونَ تَفَرُّقَهُمْ شَيْئًا إِلَّا أَمْكَنَ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَوْ بَعْضِ زَمَانِهِ حِينَ كَثُرَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ فَلَا يَكُونُ لِتَثْبِيتِ الْأَخْبَارِ غَايَةٌ أَبَدًا يُنْتَهَى إِلَيْهَا , ثُمَّ لَا يَكُونُ هَذَا لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ , أَجْوَزَ مِنْهُ لِمَنْ قَالَ هَذَا , وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ لِأَنَّهُ يُدْرِكُ لِقَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَيُدْرِكُ ذَلِكَ لَهُ أَبُوهُ وَإِخْوَتَهُ وَقَرَابَتَهُ وَمَنْ يُصَدِّقُهُ فِي نَفْسِهِ وَيُفَضِّلُ صِدْقَهُ بِالنَّظَرِ لَهُ , فَإِنَّ الْكَاذِبَ قَدْ يُصَدِّقُ مَنْ نَظَرَ لَهُ , فَإِذَا لَمْ يَجُزْ هَذَا لِأَحَدٍ يُدْرِكُ لِقَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَيُدْرِكُ خَبَرَ مَنْ يُصَدِّقُ مِنْ أَهْلِهِ وَالْعَامَّةِ عَنْهُ كَانَ لِمَنْ جَاءَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِمَّنْ لَا يَلْقَاهُ فِي الدُّنْيَا أَوْلَى أَنْ لَا يَجُوزَ "