أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْمُقْرِئُ , أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ الْخُطَبِيُّ , نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ , فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى» قَالَ: تَفْسِيرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: تُفْتَحُ الْقُرَى , فُتِحَتْ مَكَّةُ بِالْمَدِينَةِ وَمَا حَوْلَ الْمَدِينَةِ بِهَا , لَا أَنَّهَا تَأْكُلُ أَكْلًا , إِنَّمَا تُفْتَحُ الْقُرَى بِالْمَدِينَةِ قُلْتُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ» , عَلَى مَعْنَى أُمِرْتُ بِالْهِجْرَةِ إِلَى قَرْيَةٍ , وَقَوْلُهُ: «تَأْكُلُ الْقُرَى» بِمَعْنَى: يَأْكُلُ أَهْلُهَا الْقُرَى , كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مِثْلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً} [النحل: ١١٢] يَعْنِي: قَرْيَةً كَانَ أَهْلُهَا مُطْمَئِنَّيْنَ , وَكَانَ ذِكْرُ الْقَرْيَةِ فِي هَذَا كِنَايَةً عَنْ أَهْلِهَا , وَأَهْلُهَا الْمُرَادُونَ بِهَا لَا هِيَ , وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: ١١٢] وَالْقَرْيَةُ لَا صُنْعَ لَهَا , وَقَوْلُهُ: {فَكَفَّرْتُ بِأَنْعُمِ اللَّهِ} [النحل: ١١٢] وَالْقَرْيَةُ: لَا كُفْرَ لَهَا وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَأْكُلُ الْقَرْيَةَ بِمَعْنَى: تَقْدِرُ عَلَيْهَا , كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: ١٠] لَيْسَ يَعْنِي بِذَلِكَ أَكَلَتَهَا دُونَ مُحْتَجِبِيهَا عَنِ الْيَتَامَى لَا بِأَكْلٍ لَهَا , وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبُرُوا} [النساء: ٦] يَعْنِي تُغْلَبُوا عَلَيْهَا إِسْرَافًا عَلَى أَنْفُسَكُمْ ⦗٢٩٥⦘ وَبِدَارًا أَنْ يَكْبُرُوا , فَيُقِيمُوا الْحُجَّةَ عَلَيْكُمْ بِهَا فَيَنْتَزِعُوهَا مِنْكُمْ لِأَنْفُسِهِمْ , فَكَانَ الْأَكْلُ فِيمَا ذَكَرْنَا يُرَادُ بِهِ الْغَلَبَةُ عَلَى الشَّيْءِ , فَكَذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ وَحَدِيثٍ آخِرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute