وَكَمَا أنا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ , وَأَبُو سَعِيدٍ الصَّيْرَفِيُّ قَالَا: نا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ , نا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ , نا يُونُسُ: هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ , نا حَيَّانُ يَعْنِي ابْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيَّ , قَالَ: سُئِلَ لَاحْقُ بْنُ حُمَيْدٍ أَبُو مِجْلَزٍ , وَأَنَا شَاهِدٌ , عَنِ الصَّرْفِ , فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا زَمَانًا مِنْ عُمْرِهِ , حَتَّى لَقِيَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ , فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ حَتَّى مَتَى تَوَكِّلُ النَّاسَ الرِّبَا؟ أَمَا بَلَغَكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَتِهِ: «إِنِّي أَشْتَهِي تَمْرَ عَجْوَةٍ» وَإِنَّهَا بَعَثَتْ بِصَاعَيْنِ مِنْ تَمْرٍ عَتِيقٍ إِلَى مَنْزِلِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ , فَأُوتِيَتْ بَدَلَهُمَا تَمْرَ عَجْوَةٍ , فَقَدَّمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْجَبَهُ , فَتَنَاوَلَ تَمْرَةً ثُمَّ أَمْسَكَ فَقَالَ: «مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا؟» قَالَتْ: بَعَثْتُ بِصَاعَيْنِ مِنْ تَمْرٍ عَتِيقٍ إِلَى مَنْزِلِ فُلَانٍ , فَأَتَيْنَا بَدَلَهُمَا مِنْ هَذَا الصَّاعِ الْوَاحِدِ , فَأَلْقَى التَّمْرَةَ مِنْ يَدِهِ , وَقَالَ: «رُدُّوهُ رُدُّوهُ , لَا حَاجَةَ فِيهِ , التَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ , وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ , وَالذَّهَبُ بِالذَّهَبِ , وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ , يَدًا بِيَدٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ وَلَا نُقْصَانٌ , فَمَنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَرْبَا , فَكُلُّ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ» فَقَالَ: ذَكَّرْتَنِي يَا أَبَا سَعِيدٍ أَمْرًا نَسِيتُهُ , اسْتَغْفِرُ اللَّهَ ⦗٣٧٣⦘ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ , وَكَانَ يَنْهَى بَعْدَ ذَلِكَ - يَعْنِي عَنْهُ - أَشَدَّ النَّهْيِ وَلِأَنَّ الصَّحَابِيَّ قَدْ ذَكَرَ مَا رُوِيَ إِلَّا أَنَّهُ يَتَأَوَّلُ فِيهِ تَأْوِيلًا يَصْرِفُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ , كَمَا تَأَوَّلَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ فِي إِتْمَامِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ , وَهَى الَّتِي رَوَتْ: فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ , فَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ , وَأَقَرَّتْ صَلَاةَ السَّفَرِ , وَلِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَنْ يُظَنَّ بِالصَّاحِبِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ نَسْخٌ لَمَّا رَوَى أَوْ تَخْصِيصٌ فَيَسْكُتُ عَنْهُ , وَيُبَلِّغُ إِلَيْنَا الْمَنْسُوخَ وَالْمَخْصُوصَ دُونَ الْبَيَانِ , لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدَ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: ١٥٩] وَقَدْ نَزَّهَ اللَّهُ صَحَابَةَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute