للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

: ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ , فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ سُؤَالُهُمْ وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ , فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ , وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ بِهِ فَأَتَوْا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَأَيُّ أَمْرٍ أَكُفُّ لِمَنْ يَعْقِلُ عَنِ التَّنْقِيبِ مِنْ هَذَا؟ ‍ وَلَمْ يَبْلُغِ النَّاسُ يَوْمَ قِيلَ لَهُمْ هَذَا الْقَوْلُ مِنَ الْكَشْفِ عَنِ الْأُمُورِ جُزْءًا مِنْ مِائَةِ جُزْءٍ مِمَّا بَلَغُوا الْيَوْمَ , وَهَلْ هَلَكَ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ وَخَالَفُوا الْحَقَّ إِلَّا بِأَخْذِهِمْ بِالْجَدَلِ , وَالتَّفْكِيرِ فِي دِينِهِمْ , فَهُمْ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى دِينِ ضَلَالٍ وَشُبْهَةٍ جَدِيدَةٍ لَا يُقِيمُونَ عَلَى دِينٍ , وَإِنَّ أَعْجَبَهُمْ إِلَّا نَقَلَهُمُ الْجَدَلُ وَالتَّفْكِيرُ إِلَى دِينٍ سِوَاهُ , وَلَوْ لَزِمُوا السُّنَنَ وَأَمْرَ الْمُسْلِمِينَ وَتَرَكُوا الْجَدَلَ لَقَطَعُوا عَنْهُمُ الشَّكَّ , وَأَخَذُوا بِالْأَمْرِ الَّذِي حَضَّهُمْ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَرَضِيَهُ لَهُمْ , وَلَكِنَّهُمْ تَكَلَّفُوا مَا قَدْ كُفُوًا مُؤْنَتَهُ وَحَمَلُوا عَلَى عُقُولِهِمْ مِنَ النَّظَرِ فِي أَمْرِ اللَّهِ مَا قَصُرَتْ عَنْهُ عُقُولُهُمْ , وَحَقٌّ لَهَا أَنَّ تَقْصُرَ عَنْهُ وَتَحْسَرَ دُونَهُ , فَهُنَالِكَ تَوَرَّطُوا وَأَيْنَ مَا أَعْطَى اللَّهُ الْعِبَادَ مِنَ الْعِلْمِ فِي قِلَّتِهِ وَزَهَادَتِهِ مِمَّا تَنَاوَلُوا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٨٥] , وَقَدْ قَصَّ اللَّهُ تَعَالَى مَا عَيَّرَ أَوْ غَيَّرَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ بِهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ , مِنْ أَمْرِ الرَّجُلِ الَّذِي لَقِيَهُ فَقَالَ: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: ٦٥] , فَكَانَ مِنْهُ فِي خَرْقِهِ السَّفِينَةَ , وَقَتْلِهِ الْغُلَامَ , وَبِنَائِهِ الْجِدَارَ , مَا قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ , فَأَنْكَرَ مُوسَى ذَلِكَ عَلَيْهِ ,

<<  <  ج: ص:  >  >>