للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ , مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحِنَّائِيُّ , نا أَحْمَدُ بْنُ ⦗٣٩٩⦘ سَلْمَانَ النِّجَادُ , إِمْلَاءً , نا أَبُو الْأَحْوَصِ , مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ حَمَّادٍ الْقَاضِي , نا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ , نا أَبُو غَسَّانَ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ مُطَرِّفٍ - قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَتَتَّبِعُنَّ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ , وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ , حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ» قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ: «فَمَنْ؟» قَالُوا: وَمَا ذَكَرَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْخَطَأِ جَائِزٌ عَلَى الْأُمَّةِ قَالُوا: وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْأُمَّةِ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ بِانْفِرَادِهِ , فَإِذَا اجْتَمَعَ مَعَ غَيْرِهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمُنْفَرِدِ , لِأَنَّهُ يَجْتَهِدُ بِرَأْيِهِ الْمُعَرَّضِ لِلْخَطَأِ قَالُوا: وَلِأَنَّ الْأُمَّةَ لَا يُحْصَوْنَ , وَلَا يُمْكِنُ سَمَاعُ أَقَاوِيلِهِمْ , وَمَالَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَتِهِ , فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَهُ صَاحِبُ الشَّرِيعَةِ دَلِيلًا عَلَى شَرِيعَتِهِ وَهَذَا عِنْدَنَا غَيْرُ صَحِيحٍ , وَحُجَّتُنَا فِيمَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتْبَعُ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥]

⦗٤٠٠⦘ , وَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ , أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى , تُوَعَّدَ أَتْبَاعَ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ , فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اتِّبَاعَ سَبِيلَهُمْ وَاجِبٌ وَمُخَالَفَتُهُمْ حَرَامٌ فَإِنْ قَالَ الْمُخَالِفُ: هَذَا اسْتِدْلَالٌ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَنَا؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّهُ دَلِيلٌ عِنْدَنَا كَالْعُمُومِ وَالظَّاهِرِ , وَقَدْ دَلَلْنَا عَلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ , وَعَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ , وَإِنَّمَا هُوَ احْتِجَاجٌ بِتَقْسِيمٍ عَقْلِي , لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ اتِّبَاعِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ , وَبَيْنَ اتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِهِمْ قِسْمٌ ثَالِثٌ , وَإِذَا حَرَّمَ اللَّهُ اتِّبَاعَ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَجَبَ اتِّبَاعُ سَبِيلِهِمْ , وَهَذَا وَاضِحٌ لَا شُبْهَةَ فِيهِ فَإِنْ قَالَ: إِنَّمَا تُوَعَّدَ اللَّهُ عَلَى مُشَاقَةِ الرَّسُولِ وَهِيَ مُخَالَفَتُهُ , وَعَلَى اتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ , فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ التَّوَعُّدُ عَلَى اتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ بِانْفِرَادِهِ فَالْجَوَابُ: أَنَّ مُشَاقَةَ الرَّسُولِ مُحَرَّمَةٌ بِانْفِرَادِهِ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُؤْمِنٌ , فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوَعِيدَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ , وَلِأَنَّ اتِّبَاعَ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا بِانْفِرَادِهِ , لَمْ يَحْرُمْ مَعَ مُشَاقَةِ الرَّسُولِ كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ فَإِنْ قَالَ: أَهْلُ الْعَصْرِ هُمْ بَعْضُ الْمُؤْمِنِينَ وَالظَّاهِرُ مِنَ الْآيَةِ جَمِيعُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؟ ⦗٤٠١⦘ فَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ جَمِيعَهُمْ , لِأَنَّ التَّكْلِيفَ فِي ذَلِكَ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَلَا تَكْلِيفَ فِي الْآخِرَةِ , وَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ بَعْضُ الْمُؤْمِنِينَ , وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ مَا زَادَ عَلَى أَهْلِ الْعَصْرِ , كَانَ الْمُرَادُ بِهِ أَهْلُ الْعَصْرِ , وَلِأَنَّ مَنْ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ المُؤْمِنِينَ حَقِيقَةً هُمُ المَوْجُودُونَ فِي العَصْرِ , لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُخْلَقْ لَا يُسَمَّى مُؤْمِنًا , وَمَنْ خُلِقَ وَمَاتَ فَلَا يُسَمَّى مُؤْمِنًا حَقِيقَةً , وَإِنَّمَا كَانَ مُؤْمِنًا

<<  <  ج: ص:  >  >>