فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ , وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ أَنَّهُ رَدَّهَا وَأَنْكَرَهَا , وَلَوْ لَمْ تَقُمِ الْحُجَّةُ عِنْدَهُمْ بِصِحَّتِهَا لَوَجَبَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِيهَا فَيَقْبَلَهَا قَوْمٌ وَيَرُدَّهَا آخَرُونَ , لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِذَلِكَ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ الَّذِي لَمْ تَقُمِ الْحُجَّةُ بِصِحَّتِهِ عِنْدَهُمْ , فَكَانَ مَا ذَكَرْنَاهُ مُوجِبًا لِصِحَّتِهَا عِلْمًا وَقَطْعًا فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ احْتِجَاجِ الْمُخَالِفِ بِحَدِيثِ مُعَاذٍ , وَأَنَّ الْإِجْمَاعَ لَمْ يُذْكَرْ فِيمَا ذُكِرَ مِنَ الْأَدِلَّةِ فَهُوَ: أَنَّ الْإِجْمَاعَ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْعَقِدَ الْإِجْمَاعُ فِي حَيَاتِهِ دُونَهُ , وَقَوْلُهُ بِانْفِرَادِهِ حُجَّةٌ لَا يُفْتَقَرُ إِلَى قَوْلِ غَيْرِهِ , فَلَمْ يَكُنْ فِي عَصْرِهِ اعْتِبَارٌ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ احْتِجَاجِهِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا , وَبِقَوْلِهِ: لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَهُوَ أَنَّهُ خِطَابٌ لِبَعْضِ الْأُمَّةِ , وَالْبَعْضُ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ , وَلِأَنَّ قَوْلَهُ: لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ خَاصٌّ فِي حَالِ الْإِجْمَاعِ , وَالْخَاصُّ يَجِبُ أَنْ يُقْضَى بِهِ عَلَى الْعَامِّ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ: إِنَّهُمْ فِي حَالِ الْإِجْمَاعِ بِمَنْزِلَتِهِمْ فِي حَالِ الِانْفِرَادِ: فَهُوَ: أَنَّ عِصْمَةَ الْأُمَّةِ فِي حَالِ الْإِجْمَاعِ أَثْبَتْنَاهُ بِالشَّرْعِ دُونَ الْعَقْلِ , فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّهُمْ لَا يَخْتَارُونَ الْخَطَأَ فِي حَالِ الْإِجْمَاعِ , وَلَا يَقَعُ ذَلِكَ مِنْهُمْ , فَإِذَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ , وَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ وَالْعَمَلُ بِهِ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ إِنَّهُ لَا طَرِيقَ إِلَى مَعْرِفَةِ الْإِجْمَاعِ لِكَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ , فَهُوَ: أَنَّ الْإِجْمَاعَ يَنْعَقِدُ عِنْدَنَا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَإِذَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ كَانَتِ الْعَامَّةُ تَابِعَةٌ لَهُمْ , وَيُمْكِنُ مَعْرِفَةُ اتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ , لِأَنَّ مَنِ اشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ حَتَّى صَارَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِيهِ لَمْ يَخْفَ أَمْرُهُ عَلَى أَهْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute