: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: «الِاتِّبَاعُ أَنْ يَتَّبِعَ الرَّجُلُ , مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَعَنْ أَصْحَابِهِ , ثُمَّ هُوَ بَعْدُ فِي التَّابِعِينَ مُخَيَّرٌ» وَمَنْ قَالَ إِنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ اسْتَدَّلَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَمَرَ بِاتِّبَاعِ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ , فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اتِّبَاعَ بَعْضِهِمْ لَا يَجِبُ , وَلِأَنَّهُ قَوْلُ عَالِمٍ يَجُوزُ إِقْرَارُهُ عَلَى الْخَطَأِ , فَلَمْ يَكُنْ حُجَّةً كَقَوْلِ التَّابِعِينَ , وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِتَوْقِيفٍ , أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَنُقِلَ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا لَمْ يُنْقَلْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِتَوْقِيفٍ قَالُوا: وَاعْتِلَالُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ حُجَّةٌ بِأَنَّ الصَّحَابِيَّ أَعْلَمُ بِمَعَانِي كَلَامِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَقَاصِدِهِ إِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا عَلِمَ بِأَنَّهُ قَاسَ عَلَى مَا سَمِعَهُ وَاضْطُرَّ إِلَى قَصْدِهِ , فَأَمَّا إِذَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ قَاسَ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ , أَوْ عَلَى مَا سَمِعَ غَيْرَهُ يَرْوِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَوْ قَاسَ عَلَى مَا سَمِعَهُ وَلَمْ يُضْطَرَّ إِلَى قَصْدِهِ , فَإِنَّهُ لَيْسَ كُلُّ سَامِعٍ لِلْكَلَامِ يَجِبُ أَنْ يُضْطَرَّ إِلَى قَصْدِ الْمُتَكَلِّمِ , وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى حَسَبِ قِيَامِ دَلَالَةِ الْحَالِ , وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ مَا قَالَهُ فَإِذَا قُلْنَا بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ , وَأَنَّهُ حُجَّةٌ قُدِّمَ عَلَى الْقِيَاسِ وَيَلْزَمُ التَّابِعِيَّ الْعَمَلُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ مُخَالَفَتُهُ , وَإِذَا قُلْنَا: إِنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَالْقِيَاسُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ , وَيُسَوِّغُ لِلتَّابِعِيِّ مُخَالَفَتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute