وَلِهَذَا قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ مَا: أنا الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ رَامِينَ الْإِسْتَرَابَاذِيُّ , أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ الصُّوفِيُّ , بِشِيرَازَ , نا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مَعْدَانَ , نا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ , نا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ , نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ , قَالَ: قَالَ رَبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: " أَيُّهَا الْمُفْتُونَ: انْظُرُوا كَيْفَ تُفْتُونَ , لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَحَلَّ كَذَا وَكَذَا وَأَمَرَ بِهِ , فَيَقُولُ اللَّهُ: كَذَبْتَ لَمْ أُحْلِلْهُ وَلَمْ آمُرْ بِهِ , وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ كَذَا وَكَذَا , وَنَهَى عَنْهُ , فَيَقُولُ اللَّهُ: كَذَبْتَ ⦗٥٣٠⦘ لَمْ أُحَرِّمْهُ وَلَمْ أَنْهَ عَنْهُ " قُلْتُ: وَلِأَنَّ الْمُبَاحَ مَا أَعْلَمَ صَاحِبُ الشَّرْعِ أَنَّهُ لَا ثَوَابَ فِي فِعْلِهِ , وَلَا عِقَابَ فِي تَرْكِهِ وَالْمَحْظُورُ: مَا أَعْلَمَ أَنَّ فِيَ فِعْلِهِ عِقَابًا , فَإِذَا لَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ مَحْظُورًا وَلَا مُبَاحًا , وَيَكُونُ حُكْمُهُ مَوْقُوفًا عَلَى وُرُودِ الشَّرْعِ , فَيَحْكُمُ بِمَا يَرِدُ الشَّرْعُ فِيهِ فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ مَنْ حَظَرَهَا بِأَنَّهَا مِلْكٌ لِلَّهِ فَهُوَ: أَنَّهُ إِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغِيَرِ إِلَّا بِإِذْنِهِ مِنْ طَرِيقِ الْعَقْلِ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ ذَلِكَ , وَهَلْ وَقَعَتِ الْمُنَازَعَةُ إِلَّا فِيهِ , وَإِنْ أَرَادَ بِهِ مِنْ طَرِيقِ الشَّرْعِ , فَهُوَ صَحِيحٌ , وَلِهَذَا قُلْنَا إِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى مَجِيءِ الشَّرْعِ , وَأَمَّا أَمْلَاكُ الْآدَمَيِّينَ فَإِنَّمَا حَرُمَ التَّصَرُّفُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ إِذْنِ مَالِكِهَا بِالشَّرْعِ دُونَ الْعَقْلِ , وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِيمَا ذَكَرَهُ حُجَّةٌ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَمَّا احْتَجَّ بِهِ مَنْ أَبَاحَهَا فَهُوَ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ , لَأَنَّا لَا نُعَلِّلُ أَفْعَالَ اللَّهِ , وَعَلَى أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ يَنْقَلِبُ عَلَيْهِمْ فِيمَا خَلَقَهُ اللَّهُ وَحَرَّمَهُ عَلَى عِبَادِهِ مِثْلِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ , وَيُقَسَّمُ عَلَيْهِمْ مِثْلَ تَقْسِيمِهِمْ حَرْفًا بِحَرْفٍ , مَعَ أَنَّا نَقُولُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى خَلَقَهَا لِيَمْتَحِنَهُمْ بِالْكَفِّ عَنْهَا , وَيُثِيبَهُمْ عَلَى ذَلِكَ , أَوْ لِيَسْتَدِلُّوا بِهَا عَلَى خَالِقِهَا , وَهَذَا وَجْهٌ يُخْرِجُهُ مِنْ حَدِّ الْعَبَثِ فَسَقَطَ مَا قَالُوهُ ⦗٥٣١⦘ وَفَائِدَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ حَرَّمَ شَيْئًا أَوْ أَبَاحَهُ فَسُئِلَ عَنْ حُجَّتِهِ , فَقَالَ: طَلَبْتُ دَلِيلَ الشَّرْعِ فَلَمْ أَجِدْ فَبَقِيتُ عَلَى حُكْمِ الْعَقْلِ مِنْ تَحْرِيمٍ أَوْ إِبَاحَةٍ هَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ وَهَلْ يَلْزَمُ خَصْمَهُ احْتِجَاجُهُ بِهَذَا الْقَوْلِ أَوْ لَا؟ وَهَذَا مِمَّا يَحْتَاجُ الْفَقِيهُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ وَالْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute