ثُمَّ أنا أَبُو الْحُسَيْنِ , مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَسْنُونَ النَّرْسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي , لِأُمِّي الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السَّامِرِيُّ بِسَامُرَاءَ , أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْهَاشِمِيُّ , نا أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ , عَنْ مَالِكٍ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ , عَنْ عَمِّهِ , وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ , أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إِذَا قَعَدْتَ لِحَاجَتِكَ , فَلَا تَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ , وَلَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ» , فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: «لَقَدِ ارْتَقَيْتُ عَلَى ظَهْرِ بَيْتِنَا , فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ الْمَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ» وَلَيْسَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ خِلَافٌ وَلَا نَسْخٌ , أَمَّا حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّهْيِ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا فِي الصَّحْرَاءِ , وَكَانَ الْقَوْمُ عُرُبًا يَخْرُجُونَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ إِلَى الصَّحَارِي , وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ ضَرُورَةٌ فِي أَنْ يَنْحَرِفُوا عَنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ شَرْقًا أَوْ غَرْبًا , وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ خَاصٌّ فِي الْمَنَازِلِ , لِأَنَّهَا مُتَضَايِقَةٌ , لَا يُمْكِنُ مِنَ التَّحَرُّفِ فِيهَا مَا يُمْكِنُ فِي الصَّحْرَاءِ , فَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ الْمَقْدِسِ , وَهُوَ حِينَئِذٍ مُسْتَدْبِرُ الْكَعْبَةَ , دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ مُنْصَرِفٌ إِلَى اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا فِي الصَّحْرَاءِ دُونَ الْمَنَازِلِ , وَسَمِعَ أَبُو أَيُّوبَ النَّهْيَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَمْ يَعْلَمْ مَا عَلِمَهُ ابْنُ عُمَرَ , ⦗٥٤١⦘ فَخَافَ الْمَأْثَمَ فِي أَنْ يَجْلِسَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ مُسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةِ فَتَحَرَّفَ عَنْ جِهَتِهَا , وَهَكَذَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَ شَيْئًا , أَنْ يَعْمَلَ بِهِ , إِذَا لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute