السَّائِلَ تَابِعٌ لِلْمَسْئُولِ فِيمَا يُورِدُهُ الْمَسْئُولُ وَيَحْتَجُّ بِهِ , وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ , لِأَنَّهُ لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ دَلِيلِهِ الَّذِي دَلَّهُ عَلَى صِحَّةِ مَذْهَبِهِ , وَالطَّرِيقُ الَّذِي أَدَّاهُ إِلَى إِعْتِقَادِهِ , لَزِمَهُ أَنْ يَنْظُرَ مَعَهُ فِيمَا يُورِدُهُ , فَإِنْ كَانَ فَاسِدًا بَيِّنَ فَسَادَهُ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاسِدًا صَارَ إِلَيْهِ وَسَلَّمَهُ لَهُ , وَلِهَذَا الْمَعْنَى جَازَ لِلْمَسْئُولِ أَنْ يَفْرِضَ الْمَسْأَلَةَ حَيْثُ اخْتَارَهُ وَكَانَ السَّائِلُ تَابِعًا لَهُ فِيهِ وَلَمْ يَجُزْ لِلسَّائِلِ أَنْ يَنْقُلَهُ إِلَى جَنْبَةٍ أُخْرَى وَيَفْرِضَ الْكَلَامَ فِيهَا وَيَكْفِي الْمَسْئُولَ إِذَا عَارَضَهُ السَّائِلُ بِمَا لَيْسَ بِدَلِيلٍ عِنْدَهُ , مِثْلَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ التَّمْثِيلِ فِي الْخَبَرِ الْمُرْسَلِ وَخَبَرِ الْمَجْهُولِ أَنْ يَرُدَّهُ بِأَنْ يَقُولَ: هَذَا لَا يَصِحُّ عَلَى أَصْلِي , ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُبَيِّنَ لِلسَّائِلِ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ لَا يَصِحُّ عَلَى أَصْلِهِ , وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ بِمُجَرَّدِ مَذْهَبِهِ , وَقَدْ وَرَدَ الْقُرْآنُ بِذَلِكَ , قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١٧١] وَقَالَ: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: ٣] وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ تَعْلِيلًا , وَقَالَ تَعَالَى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ} [المؤمنون: ٩١] فَبَيَّنَ الْعِلَّةَ فِي سُقُوطِ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ لَهُ وَلَدًا , وَإِنَّ لَهُ شَرِيكًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute