أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْمُقْرِئُ , أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ , نَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى , نَا مُسَدَّدٌ , قَالَ: نَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ , نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ , عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ , قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «مَا يَسُرُّنِي بِاخْتِلَافِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُمْرُ النَّعَمِ , لَأَنَّا إِنْ أَخَذْنَا بِقَوْلِ هَؤُلَاءِ أَصَبْنَا , وَإِنْ أَخَذْنَا بِقَوْلِ هَؤُلَاءِ أَصَبْنَا» قَالُوا: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى إِقْرَارِ الْخَاطِئِ عَلَى خَطَئِهِ , وَالرِّضَا بِالْعَمَلِ بِهِ , وَالْإِذْنِ فِي تَقْلِيدِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَيَّنَ حُكْمًا مِنْ بَعْضِ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ , وَنَصَبَ عَلَيْهِ دَلِيلًا , وَجَعَلَ إِلَيْهِ طَرِيقًا , وَكَلَّفَ أَهْلَ الْعِلْمِ إِصَابَتَهُ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُصِيبُ عَالِمًا بِهِ , قَاطِعًا بِخَطَأِ مَنْ خَالَفَهُ , وَيَكُونُ الْمُخَالِفُ آثِمًا فَاسِقًا , وَوَجَبَ نَقْضُ حُكْمِهِ إِذَا حَكَمَ بِهِ , وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ خَالَفَ دَلِيلَ مَسَائِلِ الْأُصُولِ مِنَ الرُّؤْيَةِ وَالصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , وَبِمَنْزِلَةِ مَنْ خَالَفَ النَّصَّ , وَلَمَّا أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ الْمُخَالِفَ لَا يُقْطَعُ عَلَى خَطَئِهِ , وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِيهِ , وَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ إِذَا حُكِمَ بِهِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ , وَلِأَنَّ الْعَامِيَّ إِذَا نَزَلَتْ بِهِ نَازِلَةٌ , كَانَ لَهُ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهَا مَنْ شَاءَ مِنَ الْعُلَمَاءِ , وَإِنْ كَانُوا مُخْتَلِفَيْنِ فَدَلَّ عَلَى أَنًّ جَمِيعَهُمْ عَلَى الصَّوَابِ ⦗١١٨⦘ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْحَقَّ فِي وَاحِدٍ , وَإِلَيْهِ يُذْهَبُ: بِقَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء: ٧٩] فَأَخْبَرَ: أَنَّ سُلَيْمَانَ هُوَ الْمُصِيبُ وَحَمِدَهُ عَلَى إِصَابَتِهِ , وَأَثْنَى عَلَى دَاوُدَ فِي اجْتِهَادِهِ , وَلَمْ يَذُمَّهُ عَلَى خَطَئِهِ , وَهَذَا نَصٌّ فِي إِبْطَالِ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِذَا أَخْطَأَ الْمُجْتَهِدُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَذْمُومًا , وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَشْهُورُ: إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ , وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ , وَقَدْ سُقْنَا هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ , وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُجْتَهِدَ بَيْنَ الْإِصَابَةِ وَالْخَطَأِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute