وَذَلِكَ فِيمَا
٢٧ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ الْخَلِيلِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: يَا رَبِّ أَرِنِي أَبَانَا آدَمَ الَّذِي أَخْرَجَنَا وَنَفْسَهُ مِنَ الْجَنَّةِ فَأَرَاهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ آدَمُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَنْتَ الَّذِي نَفَخَ اللَّهُ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَعَلَّمَكَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا ⦗١١٩⦘ لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى أنْ أَخْرَجْتَنَا وَنَفْسَكَ مِنَ الْجَنَّةِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: وَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مُوسَى قَالَ: أَنْتَ مُوسَى نَبِيُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِي كَلَّمَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَلَمْ يَجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ رَسُولًا مِنْ خَلْقِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا وَجَدْتَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ ذَلِكَ كَائِنٌ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَبِمَ تَلُومُنِي فِي شَيْءٍ سَبَقَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ الْقَضَاءُ قَبْلِي «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ رَوَاهُ أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ حَمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: مَعْنَاهُ الْإِخْبَارُ عَنْ تَقَدُّمِ عِلْمِ اللَّهِ بِمَا يَكُونُ مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَأَكْسَابِهِمْ وَصُدُورِهَا عَنْ تَقْدِيرٍ مِنْهُ وَخَلْقٍ لَهَا، خَيْرِهَا وَشَرِّهَا، وَالْقَدَرُ اسْمٌ لِمَا صَدَرَ مُقَدَّرًا عَنْ فِعْلِ الْقَادِرِ، يُقَالُ: قَدَرْتُ الشَّيْءَ وَقَدَّرْتُ - خَفِيفَةً وَثَقِيلَةً - بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَالْقَضَاءُ فِي هَذَا مَعْنَاهُ الْخَلْقُ ⦗١٢٠⦘، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} أَيْ: خَلَقَهُنَّ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَإِنَّمَا حَجَّهُ آدَمُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فِي دَفْعِ اللَّوْمِ، إِذْ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ الْآدَمِيِّينَ أَنْ يَلُومَ أَحَدًا، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «انْظُرُوا إِلَى النَّاسِ كَأَنَّكُمْ عَبِيدٌ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَيْهِمْ كَأَنَّكُمْ أَرْبَابٌ» . فَأَمَّا الْحُكْمُ الَّذِي تَنَازَعَاهُ فَهُمَا فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ، لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُسْقِطَ الْأَصْلُ الَّذِي هُوَ الْقَدَرُ، وَلَا أَنْ يُبْطِلَ الْكَسْبَ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ، وَمَنْ فَعَلَ وَاحِدًا مِنْهُمَا خَرَجَ عَنِ الْقَصْدِ إِلَى أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ مِنْ مَذْهَبِ الْقَدَرِ أَوِ الْجَبْرِ. وَفِي قَوْلِ آدَمَ أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلَامِهِ أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ؟ اسْتِقْصَارًا لِعِلْمِ مُوسَى يَقُولُ: إِذْ قَدْ جَعَلَكَ اللَّهُ بِالصِّفَةِ الَّتِي أَنْتَ بِهَا مِنَ الِاصْطِفَاءِ بِالرِّسَالَاتِ وَالْكَلَامِ، كَيْفَ يَسَعُكَ أَنْ تَلُومَنِي عَلَى الْقَدَرِ الْمَقْدُورِ الَّذِي لَا مَدْفَعَ لَهُ؟ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» وَحَقِيقَتُهُ: أَنَّهُ دَفَعَ حُجَّةَ مُوسَى الَّتِي أَلْزَمَهُ بِهَا اللَّوْمَ، وَذَلِكَ أَنَّ الِابْتِدَاءَ بِالْمَسْأَلَةِ وَالِاعْتِرَاضِ إِنَّمَا كَانَ مِنْ مُوسَى، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ آدَمَ إِنْكَارًا لِمَا اقْتَرَفَهُ مِنَ الذَّنْبِ إِنَّمَا عَارَضَهُ بِأَمْرٍ كَانَ فِيهِ دَفْعُ اللَّوْمِ، فَكَانَ أَصَوْبُ الرَّأْيَيْنِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ آدَمُ، فَقَصَّهُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute