فَأَمَّا مِنَ السُّنَّةِ فَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ أَخْبَرنِي اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةِ أَبِي حُبَيْشٍ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا، أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَكَتْ إِلَيْهِ الدَّمَ فَقَالَ: «إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ فَانْظُرِي إِذَا أَتَاكِ قُرْؤُكِ فَلَا تُصَلِّي وَإِذَا مَرَّ الْقُرْءُ فَتَطَهَّرِي ثُمَّ صَلِّي مِنَ الْقُرْءِ إِلَى الْقُرْءِ» ⦗٢٢٠⦘ وَهَذَا لَفْظُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّى الْحَيْضَ قُرْءًا فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ: فَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ بِحَيْضَةٍ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ نِصْفُ عِدَّةِ الْحُرَّةِ وَلَوْ قَدَرْتُ عَلَى أَنْ أَجْعَلَهَا حَيْضَةً وَنِصْفًا لَفَعَلْتُ وَهَذَا يَدْخُلُ فِي بَابِ الْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَالُوا قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا إِذَا وَلَدَتْ فَقَدْ خَرَجَتْ مِنَ الْعِدَّةِ لَا اخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا قَالُوا فَالْقِيَاسِ أَنْ يَكُونَ الْحَيْضُ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا يَخْرُجَانِ مِنَ الْجَوْفِ وَفِي سِيَاقِ الْآيَةِ أَيْضًا دَلِيلٌ، قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] فَلِلْعُلَمَاءِ فِي هَذَا قَوْلَانِ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ «الْحَبَلُ» وَقَالَ الزُّهْرِيُّ «الْحَيْضُ» ، وَلَيْسَ ثَمَّ دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ أَحَدِهُمَا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا جَمِيعًا، وَإِنَّمَا حُظِرَ عَلَيْهَا كِتْمَانُ الْحَيْضِ وَالْحَبَلِ لِأَنَّ زَوْجَهَا إِذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا يَمْلِكُ مَعَهُ الرَّجْعَةَ كَانَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا مِنْ غَيْرِ أَمْرِهَا مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا ⦗٢٢١⦘ فَإِذَا كَرِهَتْهُ قَالَتْ قَدْ حِضْتُ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ أَوْ قَدْ وَلَدْتُ لِئَلَّا يُرَاجِعَهَا فَنَهَيْتُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ جَلَّ وَعَزَّ: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: ٢٢٨]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute