قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَمِنْ ذَلِكَ: مَا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ فِيمَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضْعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ فَنُسِخْنَ خَمْسًا مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ» فَتَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ هَذَا الْحَدِيثَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِشْكَالِ، فَمِنْهُمْ مَنْ تَرَكَهُ وَهُوَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ سِوَاهُ وَقَالَ: رَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ تُحَرِّمُ وَأَخَذَ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣]
⦗٦٥⦘ وَمِمَّنْ تَرَكَهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَالَا: «يُحَرِّمُ ثَلَاثُ رَضْعَاتٍ» ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ» قَالَ أَبْو جَعْفَرٍ وَفِي الْحَدِيثِ لَفْظَةٌ شَدِيدَةُ الْإِشْكَالِ وَهِيَ قَوْلُهَا: «فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ» فَقَالَ بَعْضُ جِلَّةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ: قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ رَجُلَانِ جَلِيلَانِ أَثْبَتُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَذْكُرَا هَذَا فِيهِ وَهُمَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ⦗٦٦⦘ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَأَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ إِلَّا خَمْسُ رَضْعَاتٍ الشَّافِعِيُّ، فَأَمَّا الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ «وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ» فَقَدْ ذَكَرْنَا رَدَّ مَنْ رَدَّهُ وَمَنْ صَحَّحَهُ قَالَ: الَّذِي يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣] ، فَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ هَذَا كَانَ يُقْرَأُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَظِيمٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِمَّا يُقْرَأُ لَكَانَتْ عَائِشَةُ رَحِمَهَا اللَّهُ قَدْ نَبَّهَتْ عَلَيْهِ وَلَكَانَ قَدْ نُقِلَ إِلَيْنَا فِي الْمَصَاحِفِ الَّتِي نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الْغَلَطُ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩] وَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: ١٧] وَلَوْ كَانَ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يُنْقَلْ إِلَيْنَا لَجَازَ أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَمْ يُنْقَلْ نَاسِخًا لِمَا نُقِلَ فَيَبْطُلُ الْعَمَلُ بِمَا نُقِلَ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ هَذَا فَإِنَّهُ كُفْرٌ وَمِمَّا يُشْكِلُ مِنْ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute