للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقُرِئَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسَكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: ٢٨٤] فَقَالَ: «هَذَا فِي الشَّكِّ وَالْيَقِينِ» وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الْخَمْسَةُ يَقْرَبُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ فَقَوْلُ مُجَاهِدٍ فِي الشَّكِّ وَالْيَقِينِ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّهَا لَمْ تُنْسَخْ وَإِنَّهَا عَامَّةٌ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ مِقْسَمٌ إِنَّهَا فِي الشَّهَادَةِ يَصِحُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الشَّهَادَةِ بِمَنْزِلَتِهَا وَقَوْلُ عَائِشَةَ إِنَّهَا مَا يَلْحَقُ الْإِنْسَانَ فِي الدُّنْيَا عَلَى أَنْ تَكُونَ عَامَّةً أَيْضًا فَأَمَّا أَنْ تَكُونَ مَنْسُوخَةً فَيَصِحُّ مِنْ جِهَةٍ وَيَبْطُلُ مِنْ جِهَةٍ فَأَمَّا الْجِهَةُ الَّتِي تَبْطُلُ مِنْهَا فَإِنَّ الْأَخْبَارَ لَا يَكُونُ فِيهَا نَاسِخٌ وَلَا مَنْسُوخٌ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ فِيَ الْأَخْبَارِ نَاسِخًا وَمَنْسُوخًا فَقَدْ أَلْحَدَ أَوْ جَهِلَ فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يُحَاسِبُ مَنْ أَبْدَى شَيْئًا أَوْ أَخْفَاهُ فَمُحَالٌ أَنْ يُخْبِرَ بِضِدِّهِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْحُكْمَ ⦗٢٧٥⦘ إِذَا كَانَ مَنْسُوخًا فَإِنَّمَا يُنْسَخُ بِنَفْيِهِ وَبِآخَرَ نَاسِخٌ لَهُ نَافٍ لَهُ مِنْ كُلِّ جِهَاتِهِ فَلَوْ كَانَ {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] نَاسِخًا لَنَسَخَ تَكْلِيفَ مَا لَا طَاقَةَ بِهِ وَهَذَا مَنْفِيٌّ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَتَعَبَّدَ بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق: ٧] وَصَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ يُلَقِّنُ أَصْحَابَهُ إِذَا بَايَعُوا «فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ» فَأَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي يَصِحُّ مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُتَبَيَّنَ وَيُوقَفَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُعَانِدَ رُبَّمَا عَارَضَ بِقَوْلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي أَشْيَاءَ مِنَ الْأَخْبَارِ نَاسِخَةٌ وَمَنْسُوخَةٌ فَالْجَاهِلُ بِاللُّغَةِ إِمَّا أَنْ يُحَيَّرَ فِيهَا وَإِمَّا أَنْ يُلْحِدَ فَيَقُولُ فِي الْأَخْبَارِ نَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا قَالَ قَامَ فُلَانٌ ثُمَّ نُسِخَ هَذَا فَقَالَ لَمْ يَقُمْ فَقَدْ كَذَبَ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَبْيِينُ مَا أَرَادَ

<<  <   >  >>