للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ نَافِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ} [النساء: ١٥] قَالَ: نَسَخَتْهَا الْحُدُودُ " وَفِي قَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} [النساء: ١٦] قَالَ نَسَخَتْهَا الْحُدُودُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَفِي الْآيَتَيْنِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلْعُلَمَاءِ الَّذِينَ اتَّفَقُوا عَلَى نَسْخِهِمَا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ كَانَ حُكْمُ الزَّانِي وَالزَّانِيَةِ إِذَا زَنَيَا وَكَانَا ثَيِّبَيْنِ أَوْ بِكْرَيْنِ أَنْ يُحْبَسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي بَيْتٍ حَتَّى يَمُوتَ ثُمَّ نُسِخَ هَذَا بِالْآيَةِ الْأُخْرَى وَهِيَ {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} [النساء: ١٦] فَصَارَ حُكْمُهُمَا أَنْ يُؤْذَيَا بِالسَّبِّ وَالتَّعْيِيرِ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فَصَارَ حُكْمُ الْبِكْرِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا زَنَا أَنْ يُجْلَدَ مِائَةَ جَلْدَةٍ وَيُنْفَى عَامًا وَحُكْمُ الثَّيِّبِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ أَنْ يُجْلَدَ مِائَةً وَيُرْجَمُ حَتَّى يَمُوتَ وَهَذَا الْقَوْلُ مَذْهَبُ عِكْرِمَةَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الْحَسَنِ ⦗٣٠٧⦘ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَهَذَا قَوْلٌ وَالْقَوْلُ الثَّانِي إِنَّهُ كَانَ حُكْمُ الزَّانِي وَالزَّانِيَةِ الثَّيِّبَيْنِ إِذَا زَنَيَا أَنْ يُحْبَسَا حَتَّى يَمُوتَا وَحُكْمُ الْبِكْرَيْنِ أَنْ يُؤْذَيَا وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ وَإِلَيْهِ كَانَ يَذْهَبُ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْآيَةَ الثَّانِيَةَ {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} [النساء: ١٦] فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ يُرَادُ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ الْبِكْرَانِ قَالَ: وَلَوْ كَانَ لِجَمِيعِ الزُّنَاةِ لَكَانَ وَالَّذِينَ كَمَا أَنَّ الَّذِي قَبْلَهُ وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ قَالَ وَلَأَنَّ الْعَرَبَ لَا تُوعَدُ اثْنَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَا شَخْصَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: ١٥] عَامًّا لِكُلِّ مَنْ زَنَتْ مِنْ ثَيِّبٍ وَبِكْرٍ وَأَنْ يَكُونَ {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} [النساء: ١٦] عَامًّا لِكُلِّ مَنْ زَنَى مِنَ الرِّجَالِ ثَيِّبًا كَانَ أَوْ بِكْرًا ⦗٣٠٨⦘، وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ لِحُجَجٍ بَيِّنَةٍ سَنَذْكُرُهَا فَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْآيَةَ الثَّانِيَةَ نَاسِخَةٌ لِلْأُولَى وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ فَالْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُلُّ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ

<<  <   >  >>